أهلي السوريين في كل مكان
السلام عليكم ورحمة الله
كان يفترض بنا الآن أن نكون في الديار المقدسة في بلاد الحرمين في المملكة العربية السعودية لأداء مناسك الحج وربما الكثير منكم كذلك أو أن نكون في لقاء فيزيائي نهنئ بعضنا البعض بمناسبة عيد الأضحى المبارك ولكن للأسف الشديد بسبب هذا الفيروس الذي أصاب العالم بهذه الجائحة الصحية نسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيله عنا بسرعة وأن نعود قادرين على مُلاقتكم ومُلاقاتنا.
أتوجه إليكم بالتهنئة الخالصة بمناسبة حلول عيد الاضحى المبارك
وأسأل الله العلي القدير أن تكون هذه الأيام المباركة بشرة خير لكل السوريين
وأن ينعم الجميع بالخير والسلامة
ونحن نستقبل هذا العيد المبارك وهذا الأيام الفضيلة، حري بنا أن نقف أمام تحدياتنا وقفة رجل واحد، لنتجاوز هذه الأيام العصيبة بأقل الخسائر.
بداية.. أتوجه إلى أصحاب المعاطف البيضاء إلى زملائي الأطباء والممرضين وجميع الكوادر العاملة بالقطاعات الصحية بالشكر والتقدير على تضحياتهم الكبيرة لاسيما في هذه الظروف العصيبة من انتشار جائحة كورونا في كل سورية وفي العالم.
لقد قدّم العاملون في القطاع الصحي العديد من الشهداء في مواجهة هذا الفيروس في سورية وفي دول الشتات وبالمناسبة كان من أول من أصيب في سورية عدد من الأطباء زملائي الأطباء والممرضين العاملين في المشافي داخل سورية تحية كبيرة لجميع هؤلاء المضحين الذين هم الآن درعنا في مواجهة الجائحة.
أهلي وأحبتي السوريين من القامشلي شمالاً إلى القنيطرة جنوباً ومن اللاذقية غرباً إلى دير الزور شرقاً،
إلى إدلب وحلب ودمشق وحمص ودرعا وحماة والرقة والحسكة،
أرجو أن تكونوا عوناً للأطباء والممرضين في مهمتهم.. لا تتهاونوا أبداً في صحتكم وصحة أسركم وأحبابكم من خلال الالتزام بالتوصيات الصحية والوقائية.
نحن لا نثق أبداً بأي إجراءات يقوم بها النظام أو هذه الميليشيات المسيطرة في الشرق لذلك الحذر الحذر في الحيطة والوقاية من هذا الفيروس.
كل يوم يمضي، يثبت لنا هذا النظام المجرم، أنه غير آبه بمعاناة الشعب السوري، ويؤكد أنه أكبر عدو للشعب السوري.
فبينما العالم الآن يسعى بأسره لحماية مواطنيه من هذا الفيروس.. بينما نعمل بكل مؤسساتنا للحد من انتشاره في المناطق المحررة، يهمل هذا النظام الانتشار الكبير في المناطق التي تحت سيطرته، بل ويستمر بجرائمه البشعة عبر استهداف المناطق المدنية والمؤسسات الخدمية والمواقع الحيوية بقذائف المدفعية والصواريخ، ويستمر كذلك بجلب المرتزقة والميليشيات من إيران التي فيها معدل عالٍ للإصابات غير آبه بما يمكن أن يحدثه هذا الانتشار من انتشار أكبر بين أهلنا وناسنا في دمشق وباقي المحافظات السورية.
هنا أريد أن أذكّر العالم اليوم أن لدينا عشرات الآلاف من المعتقلين في سجون النظام العلنية والسرية، هؤلاء إخوتنا وأخواتنا هم الأكثر عرضة للإصابة بهذا الفيروس ليس لديهم أدنى رعاية صحية ولا يمكن إنسانياً وأخلاقياً اعتبار حياة هؤلاء محل تفاوض أو ورقة ضغط أو إجراء بناء ثقة، كل قرارات مجلس الأمن أول ما تحدثت عن هذه الإجراءات الإنسانية أنها إجراءات فوق التفاوض لا يمكن أن تكون محل مساومات.
أتحدث إليكم اليوم
ونحن ما نزال على طريق الحرية، هذا النظام القاتل لا يزال جاثماً على مصير بلدنا وأهلنا، متسبباً بالكارثة تلو الأخرى،
ولا يزال المجتمع الدولي عاجزاً عن التحرك لتحمل المسؤوليات، ومواجهة الجرائم النابعة من هذا النظام.
إننا ندرك حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقنا…
ونعلم أننا مهما بذلنا من جهود لن نرقى إلى حجم التضحيات التي قدّمها هذا الشعب العظيم
ونحن بإذن الله تعالى سنقدّم كل ما في طاقتنا واستطاعتنا، وقد بدأنا بالفعل.. بدأنا في تعزيز عمل مؤسسات الثورة، ونعمل بشكل دؤوب نواصل الليل بالنهار على كل المستويات لكي نرفع الطاقة ونشحذ الهمة…
وسنتابع هذا الطريق، سواء فيما يتعلق بأعمال الحكومة السورية المؤقتة، أو مهام الجيش الوطني السوري، وسواء على صعيد العمل الخدمي أو الإغاثي أو الطبي أو العسكري أو السياسي…
نحن في أمسّ الحاجة لجهود جميع السوريين، في كل مكان، كلٌ كما قلنا حسب طاقته واستطاعته، لماذا؟.. كي نبحر معاً في هذه السفينة التي ارتضيناها لأنفسنا سفينة الثورة السورية إلى بر الحرية والكرامة والعدالة والأمان، وأن ننتقل وأن ننقل معنا سورية إلى دولة العدل والمساواة.. أن نتحرر أخيراً من هذا الاستبداد.. وأن نحرر المعتقلين.. ونعيد المهجّرين.. ونحاسب المجرمين..على كل الجرائم التي اقترفوها
اعتمادنا في ذلك على الله ثم على إرادة الشعب السوري..
ومن هنا بدأنا مسيرة التواصل والتنسيق المباشر مع جميع قوى الثورة في سورية.. والخطوط والقلوب والآذان والعقول ستكون مفتوحة بالاتجاهين لا بل بأكثر؛ بكل الاتجاهات، وسيستمر التعاون مع قادة المجتمع المدني والنشطاء والفاعلين والإعلاميين.
والمرحلة المقبلة تتطلب مشاركة كل السوريين وخاصة داخل سورية.. حيث الحراك الثوري الأساسي الذي انطلق في آذار 2011.. نريد إخواني أن نبني حالة تنظيمية جديدة نحشد فيها الجهود من أجل سورية الجديدة التي نحلم بها جميعاً..
الحكومة السورية المؤقتة تحظى بدعمنا الكامل، إلى جانب المجالس المحلية وما يعمل معها من منظمات مجتمع مدني أو وحدة تنسيق الدعم، وجميع المؤسسات التنفيذية، ونريد لها أن تتمكن من أداء مهامها وواجباتها، وأن نضمن لها إمكانات مادية لتمويل المشاريع والخدمات التي تقوم بها بشكل مستقر ومضمون ومستدام.
اليوم نتوجه أيضاً نحو تعزيز قدرات الجيش الوطني السوري وتوفير الدعم الدولي له ولأجهزة الشرطة بحيث تعمل باحتراف وكفاءة عالية.
خاصة في ظل التهديدات التي نراها، تفجيرات متكررة في عديد المناطق السورية، استهدافات متكررة من قبل النظام.. تنظيمات إرهابية: الـ “ب كي كي، داعش، القاعدة، ميليشيات تقاتل إلى جانب النظام”
خلال الفترة القصيرة الماضية تحركنا على الصعيد الدولي، وركزنا على ضرورة التحرك الدولي لرفع المعاناة عن أهلنا وعودة النازحين والمهجّرين وإخراج المعتقلين وعلى ضرورة الخلاص من هذا النظام الإرهابي،
ونسعى خلال الفترة القادمة لتعزيز علاقتنا بالجاليات السورية في بلدان الاغتراب من خلال دعم وتفعيل دور سفاراتنا وممثلياتنا، ومن هنا أدعو اليوم قادة وممثلي الجاليات السورية حول العالم إلى دعم أهلنا في سورية لاسيما في ظل أزمة كورونا والوضع الاقتصادي الحالي الكارثي.
ومن جهة أخرى نعمل على تطوير وترسيخ علاقاتنا الإقليمية والعربية والدولية بشكل متوازن أساسه الحفاظ على المصالح الوطنية السورية العليا، سواء عبر تعزيز دورنا مع المحيط العربي أو المحيط الإسلامي أو لدى هيئات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وجعل هذه التموضعات الدولية تتموضع في المكان الصحيح في دعم ثورة الشعب السوري وحماية تطلعاته وطموحاته.
في المجال السياسي منذ صدور بيان جنيف 2012 وقوى الثورة.. الائتلاف وهيئاتها السياسية تقول نحن مع الحل السياسي ومع بيان جنيف ومع القرارات الدولية فماذا كانت النتيجة؟
النتيجة كانت أن ارتفع عدد شهدائنا من بضعة آلاف آنذاك إلى مئات الألوف اليوم
وارتكب النظام آلاف المجازر بالكيماوي والبراميل والصواريخ
وجلب النظام الغزاة والمرتزقة والميليشيات إلى بلادنا من إيران وروسيا
أكثر من 70 ميليشيا طائفية تذبح الأطفال قبل النساء والشباب
وتم تهجير أكثر من نصف الشعب إلى شتات اللجوء والمخيمات
واليوم إذ نؤكد أن الإطار القانوني الوحيد للحل موجود، وهو قائم على بيان جنيف وقراري مجلس الأمن القرار 2118 والقرار 2254، باعتبارهما يضعان الأسس اللازمة لتحرك دولي يمكن أن يفرض على النظام الالتزام بالحل السياسي وصولاً لعملية انتقال سياسي حقيقية؛
إذ إن أي عملية سياسية ترقيعية أو تشذيبية أو تجميلية لن تحقق الهدف المنشود أو إرساء الأمن والاستقرار في البلد.
ونشدد في هذا الإطار على أن المواقف الدولية تحتاج إلى مزيد من الجدية، وإلى آليات جديدة لنتجاوز العطالة الدولية لاسيما في مجلس الأمن،
حيث إن شعبنا أُنهِك بين سندان الإرداة الدولية الرخوة ومطرقة المجرمين التي لم تتوقف قتلاً واعتقالاً وتهجيراً.
وهنا يأتي سؤال مزروع أو موجود على كل فم ولسان إلى متى تستمر المراقبة بصمت على ما يحدث يومياً أو لحظياً في سورية؟
إلى متى يستمر التحجج “بحق الفيتو” الذي غدا بيد روسيا والصين سلاحاً مشرعناً في استمرار الديكتاتور ورعاته في قتلنا بل تجاوز ذلك ليمنع وصول المساعدات الإنسانية للمهجّرين والنازحين! وأعني بذلك ما حصل قبل عدة أيام في مجلس الأمن.
أيتها السوريات أيها السوريون..
أمامَنا عمل كثير..
عشرات الآلاف من المعتقلين الذين يعيشون أسوأ الظروف ينتظرون تحركنا من أجلهم
مئات آلاف الأيتام والأرامل من أبنائنا وأخواتنا.. يحتاجون إلى جهودنا… ومساعدتنا.. ودعمنا..
أمامنا درب طويل من أجل قلب هذه الصفحة السوداء من تاريخ سورية، الصفحة التي كتبها النظام وحلفاؤه.. بالحديد والنار..
وشعبنا لديه الإرادة والعزيمة على طي هذه الصفحة وأثبت ذلك في أكثر من مجال
هذا الشعب الذي قدّم للعالم أول أبجدية في التاريخ، والذي تشتت اليوم في أصقاع الأرض بفعل إجرام هذا النظام،
أثبت شعبنا اليوم مدى حيويته وفعاليته وحبه للحياة
من خلال إبداع ومهارات ومواهب أبنائه وتفوقهم أينما حلّوا
فتحية للطلبة السوريين المتفوقين في سورية وفي جميع أنحاء العالم، نفخر بكم، فأنتم مستقبل سورية الزاهر، ونحن نتشارك معكم هذا الإبداع وهذا التفوق وهذا النجاح
وتحية للأمهات والآباء الذين زرعوا لبنات هذا التفوق في نفوس أبناءهم حتى زرعوا هذه الثمار الطيبة
وتحية لأمهات وآباء الشهداء والمعتقلين أنتم يا من صنعتم هؤلاء الأبطال الذين بتضحياتهم سنصل إلى سورية الجديدة
تحية إلى كل معتقل في سبيل حرية وطنه وشعبه، عسى أن يكون فرجكم قريباً إن شاء الله
وتحية إلى كل مهجّر ونازح ولاجئ فارق داره وأرضه وحارته وقريباً سيكون الإياب إن شاء الله.
تحية إلى كل جندي وثائر وعامل على ثرى سورية الطاهر من أجل حرية هذا الشعب وخلاصه من الاستبداد والإرهاب.
فليكن هذا العيد، فرصة جديدة نعمل من خلالها لتكون سورية وطناً جامعاً لنا، وتكون مبادئ ثورتنا منارة نهتدي بها ونلتزم بها مهما اشتدت المصاعب..
أجدد التهنئة لكم في هذا العيد..
وأدعو الله أن يوفقنا وإياكم لما فيه خير سورية وخير أهلها وخير مستقبلها.. وأسأل الله المولى عز وجل أن يكون عيدنا القادم في سورية ومحافظاتها وبلداتها وقراها محررة من هذا النظام المجرم ومن الدول التي تدعم النظام المجرم ومن التنظيمات الإرهابية والانفصالية التي تعبث بأمننا وجغرافيتنا وآمالنا وأحلامنا.
أضحى مبارك.. وكل عام وأنتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.