لا يمثل رأس النظام الأسدي طفرة في عالم الاستبداد والطغيان، فقد سبقه كثيرون إلى كل ما يذهب إليه وما يفعله. ولا يتعدى نهجه في ادعاء السيطرة، وإنكار الآخر، والغياب عن الواقع، واقتراح حلول لا علاقة لها بالأزمات التي يدعي حلها؛ نهج من سبقه من الطواغيت، وحاله اليوم كحال فرعون الذي قال “ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد”، في مشهد يكشف انعزاله المطبق عن الواقع وعماه عن الفساد والخراب والدماء التي أولغ فيها.
لكن النظام الأسدي يمثل طفرة من جانب آخر، فقد استفاد من كل التوازنات الدولية، وغامر بكل أوراقه السياسية ووجد من يقامر معه، فاستغل أبشع استغلال موقع سورية الاستراتيجي وأهميتها السياسية والتاريخية، في خيانة للذات قبل أن تكون خيانة للحياة، في حين وجد الثائرون في جانبهم عالماً من المترددين العاجزين عن اتخاذ القرارات، يتربصون حتى تأتي الأزمات بمزيد من الأزمات ويبررون تأخيرهم بنتائج ذلك التأخير بالذات.
رأس النظام يعيش بلا جسد، وجسده يعيث فساداً بلا عقل. والعالم ينظر إلى المأساة السورية، في سلوك يؤكد يوماً بعد يوم أن الاستمرار مكتوب على الثورة حتى النصر، وأن أي فرقة ينجح النظام في زرعها بيننها أو وعود تسمع دون أن ترى على أرض الواقع لن يكون لها من دور سوى تأخير انتصار الثورة.
إن الائتلاف الوطني السوري، وهو الهيئة الممثلة لكل السوريين، والمنبثقة عن ثورتهم وتضحياتهم وإرادتهم؛ لا يستمد وجوده وشرعيته إلا من هذه الثورة، ولا مصير له بعيداً عن مصيرها الذي يرتضيه لها الشعب السوري. وطالما ظلت العدالة والحرية والدولة المدنية أهدافاً لثوارها الأبطال.
الرحمة لشهداء سورية، والشفاء لجرحاها والحرية لمعتقليها
عاشت سورية وعاش شعبها حراً عزيزاً