بسم الله الرحمن الرحيم
أخوتي أبناء سورية الحبيبة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنتم بخير.
ها نحن نودع رمضان آخر من عمر ثورتنا. ونستقبل عيداً جديداً. فيما لا تزال المصاعب والتحديات التي تواجهنا قائمة.
لقد مرّت ثورتنا بفترات مفعمة بالأمل كان النصر فيها قريباً، والنظام أوشك على النهاية متهاوياً لولا الإسناد الخارجي الذي بدأته إيران و ميليشياتها الطائفية، ثم تبعها الدعم الروسي، مما أتاح للنظام وحلفائه خوض حرب طاحنة ضد المدنيين وفصائل الجيش السوري الحر وجميع قوى الثورة والمعارضة مما أدى لتدمير البنى التحتية، مما أخلّ بميزان القوى، ووضع الثورة في موقع مختلف بلغت فيه القلوب الحناجر، وأمْلتْ التطورات واقعاً جديداً يفرض علينا التعامل معه بروحية الثوار المؤمنين بشعبهم، وبالنصر المؤكد، والقيام بعمليات مراجعة شجاعة للتعرّف على سلبياتنا وتجاوزها.
لقد تغيرت موازين القوى على الأرض مرات عديدة، لكن مبادئنا وتطلعاتنا وأهدافنا لم تتغير.
وكنا كل مرة نعود إلى ميادين النضال… ونتابع رحلتنا نحو الحرية… بعزيمة أشدّ وإرادة أقوى.
لقد تظاهر شعبنا وهو يحمل الورود، ثم حمل البنادق مرغماً دفاعاً عن النفس، ولحماية المدنيين والثورة، وبالوقت نفسه وافقنا على الحل السياسي طريقاً رئيساً لانتزاع حقوق شعبنا، وفي جميع الحالات كانت خياراتنا مبدئيةً وواضحة، نريد استعادة حقوق الشعب السوري في الحرية والعدالة والكرامة كاملةً غير منقوصة…
إن الانحياز إلى خط الثورة ومبادئها، والالتزام بثوابتها، والإيمان الواعي بالنصر نهجاً؛ سيمنحنا جميعاً القوة لمواجهة الصعاب، وتخطي التعقيدات المفروضة علينا. إن شعبنا المكافح، المؤمن الذي عانى الدمار والقتل والكيماوي وكل أنواع الحصار. لن يستسلم وسيحمل الراية حتى النصر، وهو ما يوفر للثورة طاقات متجددة تمنحها القدرة على تخطي الصعاب، ومواجهة التحديات بمزيد العمل، والتفاؤل، والأمل.
لم تكن اللحظات الصعبة والمحن الشديدة التي مررنا بها سوى فرص منحتنا مزيداً من العزيمة، إنها تجارب زادتنا صلابةً وقوة، إن التحديات والمصاعب والأزمات تكاد تكون شرطاً لا بديل عنه للنجاح الحقيقي، وطريقاً لا يمكن اختصاره لتحقيق النصر.
سنظل متمسكين بمبادئ ثورتنا وأهدافها، عاملين على ترجمتها إلى واقع في جميع الميادين، خاصةً في تمتين علاقاتنا بالشعب وقوى وفعاليات الثورة، وسيبقى الحل السياسي خيارنا الرئيس عاملين على دفعه لتطبيق قرارات الشرعية الدولية بدءاً من بيان جنيف 1، وحتى القرار 2254، وهي القرارات التي يجب أن تؤمّن الانتقال السياسي الشامل الذي يؤمن الانتقال إلى نظام تعددي لا مكان فيه للأسد وعصابته التي تلطخت أياديها بالدماء.
ستزيدنا المحن قوةً وصلابة ووعياً، والشعوب المؤمنة بأهدافها لن تهزم مهما كانت التحديات، ولئن خذل المجتمع الدولي الشعب السوري، ولم يبذلْ الحد الأدنى من واجبه الإنساني، فإن اعتمادنا بعد الله على شعبنا، وعلى الأصدقاء المخلصين من الأشقاء العرب، والأخوة الأتراك وغيرهم… سيسلحنا بمزيد من الأمل والعزم.
أيها السوريون……
إن الشعوب التي تنهض ستواجه التحديات والعراقيل بلا شك، لكنها وإن سقطت أرضاً فإنها تعود لتقف من جديد… الشعوب الحية هي الضامن الوحيد لمستقبلها، أنتم أيها السوريون. أنتم أصحاب الكلمة الفصل…
منذ ولادة الائتلاف الوطني فإنه كان ولا يزال عرضةً للضغوطات على كل المستويات، وحتى التعهدات التي تلقيناها بالدعم والمساندة لم يتمّ الوفاء بها.
لكننا ورغم ذلك، سنستمر في نضالنا، وستتركز أهدافنا في هذه المرحلة على تطوير العمل الميداني ودعم الشعب السوري على الأرض… أنتم جميعاً مدعوون ومطالبون بالمساهمة في إنجاح هذه المهمة. المهمة التي تركز على تحويل أهداف ثورتنا إلى حقيقة واقعة.
جانبٌ كبير من مساعينا يتمحور حول توفير الدعم للحكومة السورية المؤقتة التي تعمل في ظل أوضاع صعبة جداً، حيث تقع على عاتقها مسؤولياتٌ كثيرة، وتعاني نقصاً كبيراً في الموارد والاحتياجات… إن التركيز على تأمين الدعم للحكومة وتمكينها من أداء مهامها على أفضل وجه هو محورٌ رئيسي سنستمر بالعمل عليه خلال الفترة القادمة.
إن نجاحنا رهنٌ بتكامل جهودنا، ومنع أي جهة من زراعة التنازع بيننا.
وإذا كنا نعايد بعضنا اليوم بعيد الفطر السعيد، فإننا قريباً بإذن الله، سنتبادل تهاني النصر والحرية في بلدنا العزيز، الحر، الموحد.
الرحمة للشهداء، والحرية لمعتقلينا الأبطال…
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.