قانون قيصر.. أحلام شعبٍ ومصالح دول

فرضت الولايات المتحدة الأمريكية قانون قيصر فاستبشر الشعب السوري خيراً. وينص هذا القانون على تجميد مساعدات إعادة الإعمار، وفرض عقوبات على نظام الأسد والشركات المتعاونة معه، إضافة إلى شركات وكيانات روسية وإيرانية تدعم النظام أو تتعاون معه. وهنا بدأت الأحلام الوردية للشعب السوري بأن البطل الأمريكي سيخلصهم من قهر الأسد وظلمه، وبات المحللون يُعلون من شأنه في بورصة سنّ القوانين وتعظيم دوره وأنه لا قيصر بعد قيصر وأن زمن الهدوء قد ولّى بين واشنطن وموسكو.

من حيث المبدأ فإن القانون ينص على (( فرض العقوبات على كل من يقدم دعماً مالياً وتقنياً ومادياً للحكومة السورية أو شخصية سياسية عليا في الحكومة، والدعم المالي يشمل توفير القروض وائتمانات التصدير. وبالنسبة للنفط ومصادر الطاقة، نص القانون على فرض عقوبات على كل من يعمد إلى توفير السلع أو الخدمات أو التكنولوجيا أو المعلومات أو أي دعم من شأنه توسيع الإنتاج المحلي في مجال الغاز الطبيعي والنفط والمشتقات النفطية. وفي مسألة إعادة الإعمار، ينص “ قانون سيزر” على ردع الأجانب عن إبرام العقود المتعلقة بإعادة الإعمار )).

وهنا تساءل الشعب السوري بعد صدور القانون، من الذي عوقب؟ نحن أم نظام الأسد!؟ فجميع المؤشرات أثبتت أن المُعاقب هو الشعب السوري الذي يقبع في مزرعة الأسد بسبب عدم مقدرته على الخروج من سورية.
أما نظام الأسد فقد وجد عبر روسيا وإيران والصين و فنزويلا ودول أخرى منفذاً وملاذاً للهروب من تلك العقوبات، وعلى العكس تماماً فإن ما جناه نظام الأسد من قيصر زاد من حجم ثروته، حيث قالت وزارة الخارجية الأميركية في تقرير أن صافي ثروة عائلة الأسد يتراوح بين مليار وملياري دولار، فيما تبلغ ثروات المقربين منه مليارات الدولارات.

وبحسب قناة الحرة التي تحدثت عن التقرير بالقول: ” ويؤكد التقرير أن عائلة الأسد تدير نظام رعاية معقداً يشمل شركات وهمية للوصول إلى الموارد المالية عبر هياكل مؤسسية وكيانات غير ربحية تبدو مشروعة، بهدف غسل الأموال المكتسبة من أنشطة اقتصادية غير مشروعة، بما في ذلك التهريب وتجارة الأسلحة والمخدرات “.

على كل حال نشكر الإدارة الأمريكية على القانون الذي قلم أظافر الأسد ولكن لم ينتزع مخالبه وأنيابه.

وبعد ذلك جاءت الإدارة الأمريكية باستثناء لما يُعرف بميليشيا قسد في قانون قيصر، وقامت بإعفاء شركاتها من عقوبات الاستثمار في مجالات الزراعة والبناء بالأراضي الواقعة تحت احتلال ميليشيا pyd الإرهابية بسورية، رغم معرفة الجميع بأن قسد ليست أكثر من نسخة طبق الأصل عن حزب العمال الكردستاني المؤتمر بأمر قنديل مهما حاولت بعض الدول تلميعها.

وذكرت الإدارة الأمريكية وفق البيان بأن الإعفاء لا يشمل تراخيص تجارة النفط ولا يسمح بالتعامل مع نظام الأسد في أي استثمار أمريكي بالمنطقة، وهذا صحيح، فهي من جهة تقول ذلك، ولكن لا تطبيق لذلك على الأرض، فالقاطرجي وميليشياته يقومون بنقل النفط بكل أريحية وأمام الإدارة الأمريكية ومراقبتها وأقمارها الصناعية.

أما عند الحديث عن مناطق الشمال المحرر فقانون قيصر مطبق ولا يمكن طرح استثناء لأي جهة أو إدارة محلية أو حتى الحكومة المؤقتة. كذلك الأمر في إدلب هي الأخرى حالها كحال الشمال السوري، ولو أن الإدارة الأمريكية وسعت من بصيرتها فستجد أن الغالبية العظمى من سكان إدلب والشمال السوري المحرر لاجئون نزحوا من مناطقهم نتيجة قصف الأسد وإبادته للبشر والحجر، وجزء آخر لم يرتضِ العيش تحت وطأة علمٍ أصفر يحمل شعارات قنديلية وفكر شاذ كفكر سيدهم.

وكما هي عادة الأمريكيين وسياستهم التي تميل إلى المصالح وإيهام الشعوب بعكس ذلك، وجدت الإدارة الأمريكية بأن قانون قيصر سيجعل من الأسد إنساناً آخر، فهي على كل الأحوال لا تنوي اجتثاثه، إنما تغيير سلوكه فقط، رغم أن الصور التي أظهرها قيصر كانت كافية لتعليق آلاف المشانق في ساحات سورية للنظام وأركانه، إلا أن الإدارة الأمريكية كانت من ملتزمة بوصية وتعليمات “مادلين أولبرايت” التي أكدت مراراً دعمها للأسد الابن وتعد نفسها عرابته دولياً وداخل أروقة السياسة الأمريكية.

وبما أن الأسد ينفذ ما يُطلب منه حرفياً ويزيد على ذلك، فإن بقاءه في السلطة هو خدمة للمصالح الأمريكية والدول ذات الصلة، أما الشعب السوري الحر والثائر فتركوه يحلم بالخلاص عبر قيصر وغير قيصر.

فمن قال إنّ الضربات بالسلاح الكيميائي ممنوعة ويجب المحاسبة عليها لم نجده تحرك قيد أنملة تجاه استخدام كافة أنواع الأسلحة الأخرى وتجاه مئات المجازر التي يندى لها جبين البشرية أجمع، بما فيهم نيرون وهولاكو وغيرهم من طغاة العصور الغابرة.

وإلى شعبنا السوري الحر: لا يوجد لنا إلا الصبر والتحمل، لعل السياسات تتغير وتصحو الدول على أخطاء اقترفتها تجاهنا وتجاه سورية الحبيبة. فقد سجل التاريخ بأن شعب سورية وقف عاري اليدين أمام كلّ مجرمي وشواذ العصور من دول وأفراد.

أما قيصر وصانعوه فنتمنى أن يعيدوا صياغته بشكل أفضل ليعود الشعب السوري إلى أرضه ويعيد إعمارها بسواعده، فعدوّ الشعب السوري واضح وضوح الشمس، وهو نظام الأسد وأركانه، والأمريكان يعلمون ذلك.

مشاركة
غرد
إرسال
بريد

أحدث المقالات

مقالات أخرى للكاتب محمد نذير حكيم
مقالات أخرى من وكالة زيتون

البيانات الصحفية

أخر الأخبار

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist