موجز
التفشي الواسع لجائحة كورونا في سجن رومية جذب الانتباه إلى ضرورة تقصي واقع السوريين في السجون اللبنانية، وكشف حجم انتهاكات حقوق الإنسان، الممنهجة والمستمرة، المرتكبة بحق المحتجزين في فترات الإحضار والتحقيق والمحاكمة والتوقيف والحبس؛
وأكد تعرض السجناء أثناء فترات اعتقالهم لصنوف من التعذيب الجسدي والنفسي، مثل الضرب، والصعق بالكهرباء، والايهام بالغرق، والحرمان من النوم، وأن عدداً من حوادث القتل تحت التعذيب في فروع الأمن اللبناني حسب ما ورد في شهادات عدد من السجناء السوريين؛
وثق التقرير استخدام السلطات في لبنان التهديد باعتقال الأهل، والتهديد باغتصاب الزوجة والأخوات أمام أعينهم وسيلة للحصول على الاعتراف الذي يريده المحقق، وجلبت عدداً من نساء المعتقلين في حالات متعددة وقامت بالاعتداء عليهم؛
وأوضح أن أسر المحتجزين السوريين يَضْحَون ضحايا وفيما تتحمل النساء العبء الأكبر في ضرورات المعيشة ومستلزمات البقاء، يدفع الأطفال ثمناً مضاعفاً في حرمانهم من التعليم ومن رعاية آبائهم النفسية والمالية، ومن إتمام تعليمهم، وفيما تغفو ضمائر القادة في لبنان، تسهر أمهات المعتقلين لوعة لغياب أحبائهن، مخلفةً في غالب الأحيان أمراض مزمنة جسدية ونفسية، دونما صدىً يوصل إلى العالم هذه الآهات؛
وحلل آثار البنية الهيكلية لمؤسسات الدولة في لبنان، القائمة على أساس المحاصصة الطائفية إلى بعض المحاكم، وبدا ملموساً أن غالبية القضاة في المحاكم العسكرية يخضعون لحركة أمل أو لحزب الله، الأمر الذي يطعن في استقلاليتهم؛
فحص التقرير عدداً من ملفات الدعوى وإفادات الشهود ورجّح انعدام أو ضعف استقلالية القضاة في المحاكم العسكرية، وأن الموقوفين يحالون إلى القضاء العسكري بالرغم من إنهم مدنيون، والقضاة غالباً ما يتجاهلون في تحقيقاتهم وأحكامهم أقوال المتهمين بأن الاعترافات انتزعت منهم تحت التعذيب، وانهم يحاكمون بتهم الإرهاب بالرغم من أنهم ليسوا أرهابيين، في سلوك مكمل لمحاكمات نظام الأسد لمعارضيه؛
أوضح التقرير نمط الاحتجاز من دون إذن قضائي، واستمرار الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، وعدم اتباع شروط المحاكمة العادلة بما فيها اعتبار المتهم بريء حتى تثبت إدانته، تتحول من حالات متكررة إلى ظاهرة ترجح اعتبارها سياسة معتمدة ومتبعة في التعامل مع السوريين في لبنان؛
وأشار إلى تجاهل القضاة في أحكامهم حقيقة أن التوقيف لم يمر عبر إجراءات قانونية، وأن الاعترافات أُخذت تحت التعذيب، ورغم تصريح المتهمين في أقوالهم على القوس بذلك، ورغم آثار التعذيب البادية على بعضهم، يتقاعس بفتح تحقيقات مع المنفذين، الأمر الذي يشكل للمتورطين غطاءً في انتهاكاتهم المستمرة، وفضلاً عن ذلك بعض القضاة يمتهنون الكرامة الإنسانية للمتهمين، يقول السجين عزيز في إفاداته الخاصة إلينا
استنتج التقرير مسؤولية الدولة اللبنانية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وعن الجرائم المشار إليها أعلاه، والمرجح توصيفها ضد الإنسانية، ترتكب لأسباب عنصرية بحق السوريين، من قبل كل من الفاعلين والشركاء، المنفذين للأوامر، وقياداتهم العسكرية والمدنية؛
وبين أن القيادات العسكرية مسؤولة عن مراقبة مرؤوسيهم واتخاذ الإجراءات المسبقة اللازمة لمنع وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان خلال تأديتهم مهامهم، وبإجراء تحقيقات فعالة وبالإحالة إلى محاسبة عادلة في حالات التجاوز؛
وأن القيادات المدنية مسؤولة عما يجري ضمن ولايتها من انتهاكات في حالات العلم اليقيني – المؤكد في الرسائل المستلمة من قبلها، وفي البيانات الرسمية والخاصة، وفي التقارير الحقوقية والإعلامية المنشورة؛
وخلص من خلال تحليل الوقائع المتضمنة وقياسها على نصوص القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي للاجئين، وعلى الدستور والقوانين الوطنية في لبنان إلى ترجيح ضلوع عدد من القادة السياسيين والعسكريين في الجمهورية اللبنانية بانتهاكات جنائية الوصف، ترقى لتكون جرائم ضد الإنسانية؛
وانتهى إلى حزمة توصيات إلى كل من الحكومة اللبنانية ومجلس حقوق الإنسان والمفوضية، ومجلس الأمن والجمعية العامة والمجتمع الدولي؛