الكاتب: ربا حبوش
دون تحقيق أي نتيجة مرجوة أو متوقعة،جولات عديدة للجنة الدستورية، فمنذ البداية سعت روسيا إلى محاولة إخراج العملية التفاوضية من المظلة الدولية، وكانت الخطوة الأخطر والأكثر وضوحًا لروسيا في محاولتها لوأد الثورة وتثبيت الحكم الديكتاتوري في سورية حين قدمت مشروعًا للدستور السوري في اجتماع أستانة 2017، جاء فيه نقاط كثيرة تختصر الأهداف النهائية للروس في تثبيت الحكم الديكتاتوري.
وقتها وصف وزير الخارجية سيرغي لافروف ما يسمى “بمشروع الدستور” الذي قُدم أنه يراعي مواقف النظام والمعارضة ودول المنطقة، في حين لم يتطرق المشروع إلى تنحية رأس النظام عن السلطة، وجرى التحايل على هذا المطلب من خلال ربطه ببرلمان مركزي يكون من صلاحياته تنحية الرئيس وقضايا إستراتيجية أخرى مع إعطاء المناطق جمعيات مركزية (برلمانات مناطقية)… إلخ، أي أن روسيا ترفض تنحية بشار الأسد كخطوة أولى للبدء بالعملية السياسية، وأن تطبيق بيان جنيف والقرار 2254 لا يتوافق مع الرؤية الروسية، وحين رفضت المعارضة الخوض بمشروع الدستور المقترح لأنه يتناقض مع استقلالية الشعب السوري وحقه في تقرير مصيره ويقفز عن القرارات الأممية والقضايا الإنسانية كالمعتقلين وفك الحصار عن المناطق المحاصرة وإدخال المساعدات الإنسانية إليها في ذلك الوقت، ويتجاوز المطلب الأساسي للسوريين وثورتهم وهو رحيل الأسد، دعت روسيا إلى اجتماع سوتشي (الحوار الوطني)، محاولة نقل مخرجات جنيف إلى تحكمها، وأملت روسيا أن يمر نقل الملف الدستوري إلى سوتشي عبر إعلان تشكيل لجنة دستورية من هناك لإحراج المعارضة ومنعها من المشاركة في العملية السياسية وتصديرها على أنها طرف معطل أمام الدول الفاعلة في الملف السوري والرأي العام العربي والعالمي، لكن قبول المعارضة بالانخراط في العملية الدستورية كسلّة غير مستقلة عن بقية سلال القرار 2254 وأولها هيئة الحكم الانتقالي، وتحت مظلة الأمم المتحدة لا في سوتشي، أفشل اللعبة الروسية، ومن ثم أصبح لاجتماع اللجنة الدستورية سلسلة من الأرقام لن تنتهي طالما بقيت روسيا مصرة على موقفها الداعم لنظام الأسد والساعي للحصول على “الشرعية” لانتخاباته القادمة هذا العام، لأن التقدم في أي خطوة في سلة الدستور يعني البدء بسلة الحكم الانتقالي، وهذا يعني فعلياً نهاية الأسد ونظامه، الأمر الذي ترفضه روسيا.
يمتلك الائتلاف الوطني السوري رؤية واضحة وثابتة من العملية السياسية عامة ومن اللجنة الدستورية خاصة، تتمثل في تطبيق كامل لبيان جنيف والقرار 2254، وكانت مواقف الدول الصديقة وعلى رأسها تركيا والولايات المتحدة الأمريكية داعمة لموقف الائتلاف هذا ما مكنه من الوصول إلى لجنة دستورية متوازنة بالحد الأدنى تبدأ أعمالها في جنيف كجزء من تنفيذ القرار 2254 الناص على تشكيل هيئة حكم معرّفة في بيان جنيف، والمعارضة السورية تنخرط في العملية الدستورية منذ إعلانها وتشكيلها على أن تكون مفتاحاً للعملية السياسية وفق الرؤى الثورية والوطنية على الرغم من التعطيل والمماطلة المستمرين من قبل النظام، في الوقت الذي تستمر فيه روسيا بوعودها الكاذبة بالضغط على النظام، وطالما أن الموقف الروسي متعنت، وأن الدول الصديقة للشعب السوري لا تمارس دورها الحقيقي كما يجب من ضغط كافٍ على روسيا والنظام، فإن العملية السياسية لن تحرز أي تقدم، لذلك تحاول بعض الأطراف أن تعزل اللجنة الدستورية عن القرار 2254، وبذلك تستقل بذاتها وكأنها انسلاخ كامل عن العملية التفاوضية، ويكون الاتفاق على دستور جديد بمثابة اتفاق سياسي نهائي تليه انتخابات برلمانية ورئاسية تكتسب الصفة الشرعية زورًا حتى وإن كانت ستفضي إلى بقاء الديكتاتور في الحكم حسب الرؤية الروسية.
المصدر: وكالة قاسيون للأنباء – Qasioun News Agency