عقد رئيس الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة مؤتمراً صحفياً اليوم الاثنين، للحديث حول آخر التطورات في سورية، وأثرها على العملية السياسية والمواقف الدولية.
وقدم البحرة في بداية المؤتمر المباركة والتهنئة لجميع السوريين النازحين والمهجرين، الذين بات بإمكانهم العودة إلى مناطقهم وبيوتهم ولقاء أهاليهم وأحبتهم بعد معاناة طويلة في مخيمات النزوح واللجوء.
ووجّه البحرة التحية لأرواح الشهداء الذين ضحوا بدمائهم لتخليص هذه الأرض من نظام الأسد والميليشيات الانفصالية والميليشيات الطائفية المدعومة من إيران والتي طالت انتهاكاتها جميع أبناء الشعب السوري.
ولفت البحرة إلى أن العمليات العسكرية سواء ردع العدوان أو فجر الحرية، جاءت تحت ضغط شعبي هائل، وهذا الضغط بدأ منذ سنوات وبتصاعد مطرد بسبب ازدياد الاعتداءات من قبل قوات الأسد وداعميه والميليشيات الطائفية والإرهابية المدعومة من إيران ومن تنظيمات إرهابية عابرة للحدود، والتي استهدفت المدنيين في المناطق المحررة والمنشآت المدنية بالغارات الجوية والقصف المدفعي والصاروخي واستخدام الطائرات المسيرات الانتحارية.
وأشار البحرة إلى أن هذه الاعتداءات ترافقت مع انخفاض مستمر ومتسارع في حجم المساعدات الإنسانية، وتغيير سياسات عدة دول تجاه اللاجئين وارتكاب انتهاكات بحقوقهم كما حدث في لبنان، وهو ما أدى إلى تزايد في أعداد اللاجئين العائدين إلى المناطق المحررة من دول الجوار.
وأوضح البحرة أن هذا الأمر تجاوز إمكانات البنية التحتية في المناطق المحررة، وذلك في ظل انعدام فرص العمل، بالإضافة إلى فقدان ثقة السوريين بإمكانية تحقيق الحل السياسي في ظل استمرار تعطيل نظام الأسد للعملية السياسية، وقبول بعض الدول بالتطبيع معه ظناً منها أن الشعب السوري لا يملك خيار الاستمرار في نضاله حتى تحقيق تطلعاته.
وشدد رئيس الائتلاف الوطني السوري على أن العمليات العسكرية لها أهداف واضحة ومحددة، وهي في البداية وقف الاعتداءات التي تطال المناطق المحررة وردع العدوان، حيث إن الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي تحرير المناطق التي تنطلق منها هذه الاعتداءات.
ولفت إلى أن الهدف الثاني هو تحرير المناطق المحتلة من قبل الميليشيات الطائفية المرتبطة بإيران والميليشيات الانفصالية ونظام الأسد، من أجل إتاحة المجال لأهالي تلك المدن والبلدات والقرى بالعودة إليها، مضيفاً أن الهدف الثالث هو تفعيل العملية السياسية للتنفيذ الكامل والصارم لقرارات مجلس الأمن 2118 و 2254.
وبيّن البحرة أن الإهمال الدولي، وقيام الدول بالتعامل مع الأوضاع عبر إدارة الأزمة بدلاً من الانخراط الجدي في إيجاد حل قابل للاستدامة ويؤدي إلى تحقيق السلام والاستقرار والأمن المستدامين، وتعطيل النظام المستمر للعملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف؛ دفع قوى الثورة والمعارضة إلى خيار التفاوض عبر الوسيلة التفاوضية الأساسية وهي عبر القوة واستخدام العمليات العسكرية.
وأكد البحرة على المتابعة الحثيثة للائتلاف الوطني للأوضاع في سورية، والتواصل المستمر مع القيادات العسكرية في الجيش الوطني السوري والفصائل العسكرية المنخرطة ضمن العمليتين العسكريتين، للتأكد من حرصهم على سلامة وأمن المواطنين بجميع مكوناتهم وأطيافهم، إضافة إلى المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة وضمان عودة الموظفين الحكوميين إلى دوائرهم ومؤسساتهم التي تقدم الخدمات اليومية للمواطنين.
وأكد البحرة أن الثورة السورية قامت على أساس الأخلاق وستنتصر أيضاً أخلاقياً، كما أكد التزام الائتلاف الوطني بحقوق كامل الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه ولا سيما النازحين واللاجئين للعودة إلى مواطنهم الأصلية، واستذكر السوريين الذين قابلهم في زياراته المتتالية إلى عفرين ومخيمات النزوح واللجوء والدول الأوروبية، الذين يحلمون بالعودة إلى بيوتهم، معبراً عن ترحيبه بجميع هؤلاء الراغبين بالعودة بعد أن تصبح مناطقهم آمنة ومستقرة وقابلة لعودتهم إليها.
وشدد البحرة على أن الحل السياسي وفق قرارات الأمم المتحدة ولا سيما القرار 2254، هو الحل الوحيد القابل للتطبيق في سورية، والوحيد القادر على تقديم حل قابل للاستدامة، وأكد حق السوريين باستخدام كل السبل الممكنة للدفع نحو تحقيقه، كما أكد على حق كل المهجرين والنازحين واللاجئين بالعودة الطوعية والآمنة والكريمة إلى مناطق سكنهم الأصلية واسترداد أملاكهم، وعلى الحق في استخدام جميع السبل الشرعية لإطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مصير المغيبين قسرياً، واسترداد الحقوق الإنسانية والدستورية.
وشدد البحرة على ضرورة أن تدفع الدول بشكل سريع ومباشر لإحياء العملية السياسية والدفع بتطبيق القرارات الدولية، وبحث آليات تشكيل هيئة حاكمة انتقالية تبدأ عملها من حلب، وذلك بالتزامن مع الوصول إلى اتفاق شامل وكامل خلال مدة أقصاها ستة أشهر وفق قرار مجلس الأمن لتشكيل هيئة حاكمة انتقالية لكامل سورية.
وأضاف أن هذا المشروع يقتضي تعاون الدول الرئيسية المعنية بالملف السوري بما فيها الاتحاد الروسي، وأكد أن على جميع هذه الدول أن تفهم أن سورية في خطر إذا ما تركت إلى ما هي عليه الآن سينهار كل شيء، وهذا ما سيتبعه فوضى لن يتحملها عاقبتها أحد.
كما شدد البحرة على أن لا أحد يسعى لعمل العسكري دون أهداف سياسية، وأن الهدف الأساسي من هذه العملية العسكرية هو تحقيق السلام والاستقرار في سورية، مضيفاً أنه طالما أن النظام لا يستجيب لمطالب الشعب السوري فإن هذه العملية العسكرية ستستمر، وقال: “سنحرر أراضينا وسنسترد حقوق الشعب السوري بكافة أطيافه ومكوناته وأهله من دروز وعلوية وسنة وشيعة وأكراد وآشوريين وأرمن وشركس، سورية فيها فسيفساء غنية من جميع الحضارات والأعراق”.
وتابع قائلاً: “نريد طمأنة جميع السوريين في حلب وباقي المدن التي ستحرر قريباً أن سلامتكم مضمونة، وحريتكم مضمونة في الاعتقاد وممارسة العبادات وعاداتهم الاجتماعية ولن يخضعوا للمساءلة أو تفرض عليهم أي توجهات عقائدية أو سياسية واجبنا هو خدمتهم والاستماع إلى مطالبهم والمحافظة على حقوقهم وضمان حرياتهم”.
ولفت البحرة إلى أن هناك قواعد وإجراءات متفق عليها مع جميع الفصائل المشاركة في العمليات العسكرية، وهم يحاولون ويبذلون جهداً كبيراً للالتزام بجميع الضوابط والقواعد بما فيها معاملة الأسرى من قوات الأسد، حيث إن الكثير من المجندين الذين يؤدون الخدمة الإلزامية في قوات الأسد تركوا سلاحهم وفروا وعندما ألقي القبض عليهم، جرى التأكد من هوياتهم وعدم انخراطهم بأي أعمال جرمية، ثم أطلق سراحهم، أما الذين قاوموا تم اعتقالهم وسيتم تحويلهم إلى القضاء وسينالون جزاءهم العادل.
كما أكد رئيس الائتلاف الوطني أن هذه الثورة ليست للثأر وإنما لتحقيق العدالة لكل مواطن بغض النظر عن فكره وعن عقيدته وانتمائه السياسي ودينه وطائفته، وإعلاء كلمة القانون.
وأشار البحرة إلى أن أعضاء الائتلاف الوطني، متواجدون أيضاً الآن في حلب، ويتواصلون مع الأهالي ويستمعون إلى احتياجاتهم ومشاكلهم ونقلها إلينا، ونقوم نحن بدورنا بالتواصل مع قيادات الجيش الوطني للتعامل مع أي مشكلة وحلها.
وجدد البحرة التأكيد أن هذه المعارك ستستمر ولن تتوقف حتى ينخرط هذا النظام بالعملية السياسية بشكل كامل لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 وصولاً إلى تحقيق الانتقال السياسي، مؤكداً الاستعداد للتفاوض فوراً وإخراج سورية من محنتها بما يضمن استقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها وسيادتها غير المنقوصة على كامل أراضيها.
ووجه البحرة رسالة للمجتمع الدولي بضرورة ضمان سلامة وحماية المدنيين في حلب وفي جميع المناطق المحررة، وضرورة إيقاف العدوان وتحقيق وقف إطلاق النار ولا سيما المناطق والمنشآت المدنية والعامة، وأكد على أنه أمر هام لجميع الدول، والهدف الأساسي منه هو استقرار السوريين في وطنهم وليس التسبب بأزمات نزوح ولجوء جديدة.
وقال البحرة إن الدول مطالبة بتقديم يد العون لتحقيق هذا الهدف، وحث المجتمع الدولي على تسريع تقديم الخدمات الطبية والصحية والمساعدات الإنسانية للمناطق المحررة.
وشدد البحرة على أن الائتلاف الوطني مؤتمن على تطلعات الشعب السوري بالحرية والكرامة والعدالة وتحقيق الانتقال الديمقراطي السلمي للسلطة، ولا يمكن أن يخون الائتلاف هذا الأمانة أو يقصر بحملها، مشدداً على الالتزام بجميع قرارات الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويسعى لتنفيذها بكافة السبل والإمكانات.
وأوضح أن في سورية هناك واقع ومناطق سيطرة، وهناك احتياجات إنسانية وخدمات في جميع القطاعات، وهذه الحالة غير المستقرة والدائمة، ولدت أنظمة ووسائل مؤقتة لحلها، كما ولدت حاجة للتفاهم على الحدود الدنيا للعمل المشترك رغم وجود السلبيات، لذلك جرى الاتفاق على مجموعة من القواعد والإجراءات والأخلاقيات والاتفاق على الالتزام بحقوق الإنسان في كافة الأعمال داخل المناطق السورية.
وقال البحرة: “نحن كممثل سياسي وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ووفق قرارات مجلس الأمن، سنحمل هذه الأمانة، ونحن على تواصل على الأرض مع الجميع ولا سيما عبر الإدارات المحلية وأهالي المناطق للتأكد أن فصائل الجيش الوطني تلتزم بهذه المعايير والأخلاقيات، وأيضاً نتابع أعمال الفصائل من التشكلات الأخرى ونتأكد من التزامها بهذه المعايير. نحن نتابع ونضمن حقوق المواطنين، ونتأكد من عدم وجود أي تنظيم يمارس أي أعمال إرهابية أو إجراءات لإرهاب السكان”.
المصدر: الدائرة الإعلامية للائتلاف الوطني السوري