بشار الأسد وما يسمى بالانتخابات الرئاسية

أصبح معلوماً لدى الجميع أن نظام الأسد يعتزم القيام بإعادة تدوير نفسه في مسرحية هزلية معروفة النتائج مسبقاً بما يسمى بـ (الانتخابات الرئاسية) خلال الأيام القليلة القادمة.

ونحن هنا لن نتحدث عن تفاصيل الإخراج الرديء لتلك المسرحية، من تقدم 50 كومبارس إلى المحكمة الدستورية العليا كمرشحين إلى جانب بشار الأسد مروراً بقبول تلك المحكمة من تنطبق عليه “الشروط” ورفض من لا تنطبق عليه الشروط ليبقى فقط اثنين من الكومبارس، إلى الحملة الانتخابية المصطنعة والمفبركة ومحاولة إقناع المجتمع الدولي بأن هناك “ديمقراطية” ما، يتعذر البحث عنها لالتقاط فتاتها في ظل نظام الأسد الاستبدادي.

ولكننا سنتحدث عن عدة جوانب في هذا المشهد أولها سياسياً حيث إن هذه الخطوة تؤكد من جديد أن نظام الأسد وداعميه يضربون بعرض الحائط كل القرارات والجهود الدولية ومستمرون بإعاقتها، لإيجاد حل سياسي في سورية بناءً على تلك القرارات وخصوصاً بيان جنيف والقرار 2254 والتي تنص على تشكيل هيئة حكم انتقالي وكتابة دستور جديد وإجراء انتخابات حرة ونزيهة ضمن بيئة آمنة ومحايدة وذلك في نهاية مرحلة انتقالية.

ثانيها هو الجانب القانوني فإن أي وظيفة في أي مجال أو منصب يتعلق بالشأن العام يتطلب خلو سجل المتقدم من الجرائم والجنايات بما يعرف ب، “لا حكم عليه” فكيف يكون الأمر لمن يريد أن يشغل منصب رئيس الجمهورية يفترض به حماية القانون وتطبيقه وتحقيق العدالة! أما في حالة بشار الأسد فهو المسؤول الأول عن كافة الجرائم والمجازر التي ارتكبت ضد الشعب السوري طوال عشر سنوات ومنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في التصنيف الدولي الجنائي، وذلك من خلال استخدام جميع أنواع الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً، ومنها البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية، والتي أثبتت تقارير دولية للجنة التحقيق الدولية المستقلة واللجنة المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية وكذلك الشبكة السورية لحقوق الإنسان وقوع 222 هجوماً كيماوياً نفذ معظمها نظام الأسد ومن أشد تلك المجازر الكيماوية مجزرة الغوطتين بريف دمشق بتاريخ 21\08\2013 ومجزرة مدينة اللطامنة بريف حماة في أواخر العام 2017 وبعدها مجزرة خان شيخون بريف إدلب 04\04\2017 والتي راح ضحية تلك المجازر المئات من المدنيين ما بين قتيل ومصاب جلهم من النساء والأطفال.

أضف إلى هذا السجل الإجرامي الحافل قضية (قيصر) الشهيرة والتي وثقت من خلال 55 ألف صورة ، قتل 11 ألف سوري مدني تحت التعذيب في أقبية فروع الأمن سيئة السمعة التابعة لنظام الأسد، وقد نتج عن تلك القضية قانون العقوبات ضد نظام الأسد الذي أصدرته الولايات المتحدة الأمريكية والمعروف بقانون قيصر، ولا يغيب عنا جرائم الحصار والتجويع والتهجير القسري التي مارسها نظام الأسد على العديد من المناطق مثل: داريا والغوطة الشرقية، ريف حمص الشمالي، حلب وغيرها الكثير، كل جريمة من هذه الجرائم المروعة كافية لسوق بشار الأسد إلى المحاكم الوطنية أو محكمة الجنايات الدولية وبالتأكيد مانعة له للترشح لأي منصب في الدولة السورية علاوةً عن منصب رئيس الجمهورية.

وفي تقديرنا أن مجرد تربع بشار الأسد على كرسي الرئاسة في سورية هو جناية اقترفت بحق سورية وشعبها وتاريخها الأصيل الذي لم يدنسه سوى حقبة الأسدين (الأب والأبن) المظلمة.

آخر الجوانب وهو الشعبي حيث إن أكثر من نصف الشعب السوري هم لاجئون أو نازحون داخل سورية وخارجها وقد هربوا فراراً من جرائم الأسد ولن يصوتوا لبشار الأسد على الإطلاق، ولو أتيح للسوريين القابعين تحت سلطة الاستبداد لنظام الأسد الحرية الحقيقة للإدلاء بأصواتهم، فغالبيتهم لن يصوتوا له أيضاً ولكن بطش النظام وإجرامه ترغم البعض على التصويت مكرهاً.

بعد كل هذا الاستعراض نجد أن تلك المسرحية الهزلية التي تسمى “الانتخابات الرئاسية” فاقدة للشرعية السياسية والقانونية والشعبية، رغم ذلك سينجح بشار الأسد بنسبة تقل عن 99,99٪ التي اعتدنا عليها كسوريين طوال حكم الأسد الاستبدادي وذلك لضرورة إتمام الإخراج الرديء لتلك المسرحية.

المشكلة ليست هنا، فنظام الأسد منسجم مع نفسه كسلطة استبدادية قمعية لا تقبل القسمة على اثنين ولكن المشكلة تكمن في سؤالين، الأول: هل سنفعل ما ينبغي علينا كقوى ثورة ومعارضة في مشروع إنقاذ سورية من خلال رص صفوفنا والبناء على المشتركات وتنحية خلافاتنا جانباً ولو لما بعد تخلصنا من نظام الأسد وتقديم أنفسنا كبديل حقيقي عن ذلك النظام، والعبور بسورية نحو الحرية والتحرير والأمن والاستقرار؟

الثاني: هل ستكتفي الدول صاحبة النفوذ بعدم الاعتراف بنتائج ما يسمى الانتخابات الرئاسية أم سيكون هنالك إجراءات أكثر حزماً وردعاً تجاه استخفاف نظام الأسد بالمجتمع الدولي، ومحاولته كسب المزيد من الوقت وإطالة معاناة الشعب السوري حيثما كان؟

فجواب السؤال الأول هو ما ينبغي علينا فعله، وواجب ومسؤولية وطنية علينا إنجازها، وجواب السؤال الثاني أن يكون هذا مطلبنا جميعاً كشعب سوري بكافة مؤسساته وشرائحه إلى الدول صاحبة النفوذ وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لإنهاء معاناة الشعب السوري وإيقاف نظام الأسد المتسبب بتلك المعاناة.

مواضيع متعلقة

المصدر: وكالة قاسيون للأنباء

مشاركة
غرد
إرسال
بريد

أحدث المقالات

مقالات أخرى للكاتب محمد يحيى مكتبي
مقالات أخرى من وكالة قاسيون للأنباء

البيانات الصحفية

أخر الأخبار

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist