أيها الشعب السوري العظيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتكلم إليكم اليوم مع انتهاء تكليفي كرئيس للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية؛
تكليفٌ جاء وسط ظروف قاسية جداً وتحديات كبيرة
استهدفت استئصالنا كثورة،
ظروفٌ كانت حافلةً بالأحداث والتحديات،
فقد واجهنا خلالها جملة من الأزمات؛ تطلبت استجابة سريعة، كان بعضها استثنائياً وغير مسبوق.
ثلاثة مسارات رئيسة كنت أعتبرها حيوية وضرورية في نفس الوقت:
- تعزيز شرعية الائتلاف بين السوريين وتقوية قنوات التواصل معهم، وأن يكون الائتلاف على المستوى الذي يستحقه السوريون.
- الحفاظ على الخط السياسي والثوابت التي خرج من أجلها الشعب السوري.
- تحقيق تمثيل أقرب ما يكون بالبرلماني للائتلاف.
وقد تمكنت في العام الماضي مع فريق من السوريين المخلصين تحقيق بعض الخطوات الهامة في هذه المسارات.
فعلى صعيد التواصل مع أهلنا شهدت الفترة السابقة تواصلاً مباشراً وتكثيفاً لزيارات المناطق المحررة أكثر من أي مرحلة سابقة، تمكنا خلالها من التشاور مع الفعاليات المدنية والسياسية واطلاعهم على أهم المستجدات وفهم مخاوفهم وتطلعاتهم.
كما زرنا مخيمات اللاجئين، وتابعنا التنسيق والتواصل مع الجهات المانحة لتوفير الاحتياجات.
وعندما حصلت أزمة اللاجئين السوريين في تركيا والتي تمثلت في تنظيم الوضع القانوني للسوريين قمنا بطرح مبادرة على وزير الداخلية التركي في تشكيل قناة تواصل ساخنة ومتخصصة بين الائتلاف الوطني من جهة والمؤسسات الرسمية التركية ذات الصلة من جهة أخرى، وبناء على ذلك تم تشكيل “اللجنة السورية التركية”، وهي اليوم القناة الحكومية الرسمية بين السوريين والحكومة التركية.
فيما يخص المسار السياسي:
حافظنا على سقف الثورة ومطالب شعبنا بغض النظر عن الواقع العسكري الصعب وتخلي الجميع عنا في مرحلة معينة، وتصدينا لجهود كثيرة حاولت تفكيك المعارضة السياسية أو حرف مسارها، في حين بقيت مواقفنا من العملية والسياسية واللجنة الدستورية منسجمة مع نبض الشارع السوري الثائر ومطالبه المحقة.
أجرى الائتلاف لقاءات هامة مع القيادات السياسية في 22 دولة، تناولت الوضع في سورية والملف السياسي والإنساني.
كما تابعنا التنسيق مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية على مختلف الملفات، ووضعنا خطة عمل جديدة بخصوص موسم الحج وفقاً للتطورات والمخاطر المتعلقة بجائحة كورونا.
ومع اجتياح وباء كورونا للعالم، شكّلنا لجنة طوارئ لوضع وتعميم الإجراءات والتدابير اللازمة، كما أجرينا زيارات متعددة إلى المخيمات، ونفذنا حملات توعية ميدانية وعبر وسائل الإعلام، كما تواصلنا مع الدول والمنظمات، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وقطر، ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، بالإضافة إلى منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
جانب آخر وشديد الأهمية والخطورة هو ملف المعتقلين، لاسيما خطورة انتشار الوباء بينهم وانعدام الرعاية الطبية لهم، لقد قام الائتلاف بحملة دبلوماسية كبيرة، طالبنا من خلالها وناشدنا جميع الأصدقاء والمنظمات الدولية والحقوقية بالقيام بدورها والضغط على النظام من أجل الإفراج عنهم.
كانت سنة صعبة، مليئةً بالتحديات الكبرى والأحداث الجسام، من الحملات الغاشمة على إدلب والشمال، إلى أزمة النزوح وقسوة الظروف الإنسانية للمخيمات، وأزمة اللاجئين التي وصلت إلى حدود اليونان، ثم عملية نبع السلام، إلى تشكيل اللجنة الدستورية وجولات الحل السياسي المتعاقبة، إلى أزمة المشاكل القانونية للسوريين في تركيا وجائحة كورونا، لقد اجتهدنا في خدمة أهلنا وقضيتنا ويبقى ما قدمناه ضئيلاً في جانب التضحيات التي يقدمها السوريون على ثرى بلادنا الطاهر.
أنتقل اليوم إلى مهمة لا تقل صعوبة لاسيما في هذه الظروف حيث تم تكليفي بالرئاسة من الزميلات والزملاء في هيئة التفاوض، وإنها لمهمة صعبة في ظروف حساسة ودقيقة جداً، مستشعراً حس المسؤولية والواجب، والحرص على سد ثغر خطير، وكلي قناعة أنها مغرم صرف وتحدٍ كبير.
المسار السياسي الآن في حالة جمود بسبب تعطيل النظام والروس وإصرارهم على الحسم العسكري الذي لم ولن يتحقق.
النظام ينهار اقتصادياً واجتماعياً بطريقة متسارعة، وقانون قيصر سيكون له دور إضافي في تسريع ذلك.
ونحن حريصون على ضمان وصول المساعدات الإنسانية والمستلزمات الأساسية لشعبنا في كل سورية.
نحن متمسكون بثوابت ثورتنا كثوابت وطنية كتبت بدماء شهدائنا الزكية، وسنستمر بعملنا من أجل حل سياسي فعلي يفضي إلى الانتقال السياسي المنشود وفق القرار 2254.
ندعم جهود اللجنة الدستورية، التي لم يألُ النظام جهداً في تعطيل عملها، ومحاولة حرفها عن مسارها وتعطيل تقدمها، كي لا تكون خطوة حقيقية نحو تنفيذ القرار 2254.
وهذا القرار لا يـُختصر في اللجنة الدستورية فحسب، بل هو هيئة الحكم الانتقالي كذلك، وكلنا يعلم أن تغيير الدستور بمفرده لن يغير أي واقع في سورية، ولن يعيد الاستقرار لها، ولن يعيد 13 مليون مهجر إلى بيته.
لقد كانت قضايا السوريين الحقيقية هي المحور الجوهري لأي تحرك لنا بعيداً عن أي اعتبارات سياسية أو تأثيرات خارجية لا تخدم قضيتنا، وستبقى كذلك في عملنا السياسي القادم.
نحن نناضل من أجل استمرارنا كشعب ومن أجل عودتنا إلى بلدنا والحفاظ على هويتنا، لا يمكن الحديث عن أي حل سياسي في سورية، دون أن نجد حلاً واقعياً يحقق العودة الآمنة والطوعية والكريمة لـ 13 مليون لاجئ ونازح ومهجّر سوري، لا يمكن الحديث عن مستقبل سورية والاستقرار فيها والانتخابات وإعادة الإعمار وإنعاش الاقتصاد دون أن نستمع لـ 13 مليون سوري هم أكثر من نصف عدد سكان سورية.
إن تحقيق شروط البيئة الآمنة التي تضمن عودة السوريين إلى وطنهم، من أولى أهدافنا الرئيسية، لأن وجود هذه البيئة الآمنة هو الفارق بين الحياة والموت، بين التشرد وبين العودة، بين فشل سورية وبين انبعاثها من جديد، ولأن ضمان هذه البيئة الآمنة هو جوهر أي حل سياسي.
توحيد القرار السياسي السوري بشكل فعلي، مهمة دائمة لنا، لمنع تحويل المسار السياسي إلى فخ وخدعة ترسخ لحالة الجمود السياسي، التي يدفع ثمنها شعبنا داخل وخارج سورية، وسنصرّ على خطوات عملية تؤدي إلى تغيير الواقع في سورية وتضمن انتقالاً سياساً، وسنقدم في هذا الصدد رؤى جديدة للأطراف الدولية المؤثرة في العملية السياسية تخدم مصالح شعبنا.
أهلي السوريين الكرام:
أذكركم ونفسي بضرورة الاستمرار في العمل، وأشدّد على أهمية البناء على ما تم إنجازه، ومواصلة الكفاح على كل الصعد حتى الوصول إلى سورية التي نحلم بها جميعاً.
أسلم العهدة اليوم، وأنا أعلم أن التقصير طال جانباً من عملنا.. وأدعو الفريق الذي سيختاره أعضاء الائتلاف إلى تعويض هذا التقصير، وضبط البوصلة باستمرار، ومتابعة الطريق حتى تحقيق تطلعات شعبنا السوري، راجياً لهم التوفيق والسداد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته