السلام عليكم ورحمة الله
باستمرار ومنذ بدء اتفاق خفض التصعيد، يعمد نظام الأسد وحلفاؤه إلى خرق هذا الاتفاق والتمادي في انتهاك القانون الدولي، وتعمّد استهداف المناطق السكنية والمشافي.
أعداء الشعب السوري استغلوا شهر رمضان المبارك لتصعيد الإجرام، وارتكبوا خلاله ثلاثين مجزرة راح ضحيتها ما لا يقل عن مئتين وخمسين شهيداً.
ما نقوم بتوثيقه من الصور مرعب، وحجم الألم الذي تتركه لا يحتمل، فرق الدفاع المدني تعمل في أكثر الظروف صعوبة باعتبارها مستهدفة بالقصف بشكل مباشر ومتعمد ومتكرر.
النقاط الطبية والمشافي كانت منذ بدء حرب النظام على الشعب السوري أهدافاً رئيسية لآلة القتل والتدمير التابعة للنظام، ما جعلها من أكثر الأماكن خطورة.
قنابل الطائرات الروسية، وبراميل النظام المتفجرة، وقنابل الفسفور الأبيض، والأسلحة الكيماوية، والقصف المدفعي على المدن والبلدات، وكل ما هو ممنوع ومحرم في القانون الدولي يتم استخدامه الآن ضد الشعب السوري.
المسؤوليات واضحة، المنفذون معروفون؛ نظام الأسد والميليشيات الإيرانية والعدوان الروسي الذي دعم جرائم النظام ضد الشعب السوري منذ اليوم الأول.
لقد عرقلت روسيا جميع الجهود الدولية، وأجهضتْ عمل مجلس الأمن، وهي مستمرة في خرق القانون، والاستخفاف بعمل اللجان، والطعن في نتائج التحقيقات التي يجريها المحققون الدوليون.
منذ بدء العدوان الروسي المباشر على الأرض السورية أصبحتْ روسيا شريكاً مباشراً في ارتكاب الجرائم، وعمدتْ إلى قصف المدن والبلدات، بالتوازي مع تعطيل الحل السياسي ودعم الحل القائم على القتل والتهجير.
أخاطب اليوم المجتمع الدولي وأقول:
إن التمادي والبلطجة والإجرام الروسي السافر بحق أطفال ونساء الشعب السوري، هي نتائج مباشرة لتقاعسكم ولسياساتكم ومواقفكم الرخوة والهزيلة.
لا يمكنكم أن تنجحوا في تجاوز الأزمات وحل المشاكل من خلال سياسة الانتظار والمراقبة وإصدار تصريحات الشجب والاستنكار.
المجرمون لن يقرروا في أي لحظة أن يتوقفوا عن متابعة سلسلة الإجرام.
أنتم مطالبون اليوم باتخاذ قرارات عملية لإيقاف جريمة القتل والتدمير والتهجير بشكل نهائي.
حتى القرارات الدولية غير كافية، فالقرارات تحتاج من يتبناها وينفذها، ولن تدخل حيز التنفيذ من تلقاء نفسها.
أخاطب اليوم المنظمة الدولية والأعضاء الفاعلين فيها:
أنتم من يجب أن يتحمل مسؤولية تنفيذ القرارات وفرض القانون الدولي ومحاسبة المجرمين، أما التردد والاستمرار في حساب موازين الربح والخسارة، فليست هي الطريق التي تتم بها مواجهة المجرمين.
مواقفكم الحالية لن تجلب إلا مزيداً من الدمار ومزيداً من القتل والإجرام، الذي سيدفع العالم كله أثمانه المضاعفة.
رغم يأس السوريين من المجتمع الدولي، الذي فشل طوال ثماني سنوات من عمر الثورة في الوقوف ولو لمرة واحدة في المكان الصحيح، وتحمّل مسؤولياته تجاه حفظ السلم والأمن الدوليين.
رغم ذلك، فإنّ واجبنا السياسي يفرض علينا أن نضع العالم أمام مسؤولياته، ونؤكد أن الدول الفاعلة قادرة، لو أرادتْ، على وقف هذه الهجمة الهمجية، وفرض الحل السياسي وفق القرارات الدولية.
اليوم وبعد أن ثبت للجميع أنّ الآليات التقليدية لمنظمة الأمم المتحدة عاجزة تماماً عن منع القتل ووقف جرائم الحرب المستمرة بحق المدنيين في سورية؛ اليوم نطالبكم بإيجاد آليات بديلة لإيقاف هذه الكارثة المستمرة، نطالبكم بتجاوز العقبات من أجل لجم النظام، وممارسة كل الضغوط على روسيا لوقف عدوانها ودعمها للأسد.
أتوجه للشعب السوري والجيش الوطني الحر والقوى الثورية:
التحديات مستمرة والمصاعب تزداد، ثورتنا كما تعلمون، تقف منذ اليوم الأول في مواجهة
حلف كبير من قوى الشر في العالم، يريدون منا الاستسلام والرضوخ للاستبداد! لكننا اخترنا الحرية.
لا أحد بمفرده يمكن أن ينجز ذلك، لكننا معاً نستطيع أن نحقق هدفنا.
ندعم جهود الجيش السوري الحر والجيش التركي والتي تمكنتْ بتضافرها من توجيه ضربات حاسمة للإرهاب، ولا يزال الأخوة الأتراك يعملون بجهد لوقف القتل ولدعم الحل السياسي وإنقاذ أرواح المدنيين ومنع تهجيرهم من بيوتهم.
اليوم ورغم كل الألم والمرارة، رغم الجراح والصعوبات، فإنّ مواقفنا ثابتة، وذلك بفضل المخلصين والشرفاء منكم.
أناشد كل شرفاء العالم العربي، والعالم أجمع، أن يقفوا الى جانب الحق، إلى جانب ضحايا عدوان الشر والظلم على شعبنا، وأن يكونوا عوناً وسنداً بكل الوسائل الممكنة.
الحرية والعدالة والكرامة، هذه هي بوصلتنا.
أدعوكم لمزيد من الصبر والتعاون والتعاضد.
العيد قادم، والنصر أيضاً قريب بإذن الله.
تقبل الله طاعاتكم في رمضان، وعسى أن يعيده الله علينا بالخير والبركة.
الرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى، والحرية للمعتقلين.
عاشت سورية وعاش شعبها حراً عزيزاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.