هادي البحرة
رئيس الائتلاف الوطني السوري
07 أيلول 2014
معالي الأخ أحمد ولد تكدي وزير خارجية الجمهورية الموريتانية رئيس الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية، أصحاب السمو والمعالي والسعادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
اسمحوا لي أن أتقدم أصالة عن نفسي، ونيابة عن الوفد المرافق لي، بالشكر والتقدير والمحبة لجمهورية مصر العربية، كما أشكر معالي الأخ الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية، على ما يقوم به خدمة لعملنا العربي الموحد، كما لا يفوتني أن أشكر معالي الأخ السيد صلاح الدين مزاور، على الجهود التي بذلها خلال ترؤسه في دورته السابقة، كما أود أن أهنئ معالي الأخ ولد تكدي على ترؤسه هذه الدورة، التي نتمنى أن تكون باكورة خيرة على العالم العربي.
أتحدث اليوم أمامكم والنيران في وطني ماتزال تشتعل، بفعل نظام لم يترك سلاحاً يملكه دون استخدامه، غير آبه بقرارات الشرعية الدولية أو بالقوانين والأعراف.
إن وطني الذي تعرفونه جيداً وطن الحضارة والثقافة، وطني الذي أعطى للإنسانية وللمنطقة الكثير، وطني الذي يدمر الآن على مرأى من الجميع، لا لشيء إلا لأن شعبنا أراد الحرية والكرامة، أراد سورية وطناً للجميع، وطناً يتفتح فيه الإنسان، لقد خرج شعبنا كله بعربه وكرده وتركمانه، بسنته وشيعته وعلويته، بدروزه وإسماعيلييه، بكاثوليكه وأرثوذكسييه، إن شعبنا كله خرج ليصرخ يوما “الشعب السوري ما بينذل”، “واحد واحد واحد الشعب السوري واحد”، واليوم أقول لكم إن شعبنا لا يمكن أن يذل مهما دارت الدوائر، وصال البغي وجال.
لقد ضحى شعبنا بالكثير من دماء شبابه ورجاله ونسائه وأطفاله، ضحى بكل شيء، وها هو اليوم يعاني القتل والتشريد والمنافي، ولكنه لن يركع إلا لله، إن حرية سورية وكرامتها وكرامة مواطنيها هي الغاية التي تبذل من أجلها الأرواح، واليوم يخوض شعبنا معركته الكبرى ضد إجرام نظام لا يحترم شريعة أو قانون، وضد إرهاب أعمى أسود غريب عن ثقافة شعبنا وعن رقيه الحضاري.
إن شعبنا الذي يواجه الآن الإجرام الأسدي المدعوم بالمليشيات الطائفية القادمة من لبنان والعراق وإيران والإرهاب الداعشي، يتطلع لجميع أشقائه لمساعدته على القضاء على هذه الآفات، التي تنهش من لحمه ووجدانه وقيمه الإنسانية النبيلة.
فمعركتنا مع الاستبداد هي معركتنا مع الإرهاب؛ لأن سبب الإرهاب هو الاستبداد، ولن نستطيع القضاء على الإرهاب الذي بات يهدد دولنا جميعاً دون نزع مسبباته الأساسية؛ ألا وهي هذا النظام الذي عانت من إرهابه دول عربية عدة، لقد نشر النظام الإرهاب في أرجاء المنطقة.
واليوم يخوض أبطال الجيش الحر معارك فاصلة ضد إجرام النظام الأسدي وإرهاب داعش الأسود، رغم قلة الإمكانيات وشح السلاح لكنهم يقفون كالجبال في وجه هذا السرطان، الذي يتفشى في كل المنطقة، لقد حذرنا ومنذ البداية حذرنا الجميع من أن بقاء هذا النظام سيشكل البيئة المناسبة لنمو الإرهاب والتطرف، وحذرنا من خطر هذه الجماعات ومن أن تركها سيؤدي إلى استفحال أمرها، وها نحن الآن نرى المجازر التي ارتكبتها داعش ضد أبناء الشعب السوري وضد أبناء الشعب العراقي في الموصل وسنجار.
إن الشعب السوري، رغم جراحه وآلامه يقف متضامنا مع محنة الإيزيدين في العراق، ومع معاناة المسيحيين في الموصل، ويقول لهم إن معركتنا واحدة وعدونا واحد هو الإرهاب الأسود والاستبداد الدموي.
إننا نؤمن بضرورة التحرك العاجل والسريع والفعال من أجل ممارسة الضغوط على النظام؛ للانصياع لقرارات الشرعية الدولية وتحقيق عملية انتقال سياسي في سورية، تؤدي لسلطة انتقالية قادرة على محاربة الإرهاب، ووضع حد للتطرف.
لقد انخرطت المعارضة في العملية السياسية إيماناً منها بإمكانية حقن دماء الشعب السوري، ورغبة منها في بناء سورية الدولة الديمقراطية العادلة، لقد أعلنا منذ البداية أنه بدون هيئة حكم انتقالي كاملة السلطات التنفيذية، لا يمكن تحقيق الاستقرار في سورية، وإنهاء ظاهرة التطرف والإرهاب.
إن المرحلة الانتقالية يجب أن تبدأ الآن، بعد استفحال الإرهاب ووصوله للدول المجاورة وتهديده لأمن المنطقة والعالم، ولذلك فإننا نؤكد على ضرورة اتخاد قرار واضح بإلزام الأسد بالتنحي، والبدء بإجراءات تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة السلطات التنفيذية.
أيها السادة أيتها السيدات:
إننا نتطلع لعالم عربي يسوده الاستقرار والأمن والأمان، ونرحب بكل الجهود المخلصة التي تبذلها الدول العربية الشقيقة على المضي في العملية الديمقراطية وتثبيت دعائم الاستقرار، ونؤكد على رفضنا المطلق للمساس بأمن لبنان أو العبث باستقراره، ونتمنى على الحكومة اللبنانية ممارسة الضغوط؛ لنزع فتيل التوتر وذلك عبر إلزام ميليشيا حزب الله بسحب مقاتليه من سورية.
وبالرغم أن الحكومة اللبنانية نأت بالنفس عن التدخل في الشؤون السورية؛ فإن هذا لا يعني أن تتنصل الحكومة من مسؤولياتها تجاه اللاجئين السوريين المتواجدين على أراضيها، ضمن إطار القانون الدولي الإنساني والمواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان.
ونؤكد على موقف سورية الثابت من القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية وندعم الجهود التي تبذلها السلطة الوطنية الفلسطينية في سبيل استرداد حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة.
أيتها السيدات أيها السادة:
لقد حاولت الجامعة العربية ومنذ بداية الثورة، حاولت كثيراً التدخل للجم القتل ولوضع طريق آمن لانتقال سياسي في سورية، يحقن الدماء ويحقق آمال الشعب السوري في بناء دولته الحرة، والديمقراطية العادلة؛ دولة الجميع.
لقد وقفت المعارضة دائما مرحبة بجهود الجامعة العربية ومؤيدة لها ومستعدة للعمل على إنجاحها، لكن تعنت النظام وتعاليه على الأسرة العربية، وسخريته من الأشقاء العرب؛ وقف حائلا دون تحقيق هدف الجامعة بحماية سورية وصون شعبها.
إننا في الائتلاف الوطني السوري نؤكد مرة جديدة على دعمنا للجهود التي تبذلها الجامعة العربية؛ لوقف نزيف الدماء في سورية، ونؤكد على أن مقعد سورية لن يجلس فيه نظام قتل شعبنا واعتدى على أعراضه، لا يشرفكم أن يجلس بينكم كممثل لشعب رفضه وثار على استبداده، نظام جعل من شعب سورية شعبا مفرقا بين معتقل ولاجئ في خيام الجوار، ومشرد افترش الحدائق، إن هذا النظام رفض الانصياع لجهود هذه الجامعة، وسخر من قراراتها، واتهم أعضاءها بالعمالة والإرهاب، إن مقعد سورية في الجامعة العربية لن يشغله إلا شعب سورية الأبي، الذي تعرفون حرصه على العمل العربي.