التقت نورا الأمير نائب رئيس الائتلاف الوطني والمحامي عمار تباب مدير ملف الاختفاء القسري؛ سفراء عدة دول عربية وأجنبية اليوم، وعرضا خلال اللقاء موضوع ملف الاختفاء القسري والاعتقال الذي أصبح يعتبر أحد أهم أولويات مفردات الواقع السوري حسب قولهم. هذا ودعت الأمير الأمم المتحدة إلى ضرورة “إعادة فتح مكاتب أممية تشرف على واقع المعتقلين وتحدّ من بطش الأسد وإجرامه، باعتبار أنّ شريحة المعتقلين والمختفين قسريا في المجتمع السوري، أمست شريحة كبيرة لا يمكن للعالم تجاهلها اليوم. لذا من الواجب على دول حقوق الإنسان أن يضعوا يدهم بيدنا لمنح المعتقلين السوريين والمختفين قسرياً في أقبية الموت الحياة بواسطة القانون”. وأردفت الأمير في مؤتمر صحفي عقدته بعد لقائها بسفراء الدول أيضا “من المؤسف في القرن الحادي والعشرين أن يقف السوريون للمطالبة بحق الحياة ومعرفة المصير، في الوقت الذي تتسابق به حكومات العالم بفتح الجامعات والمدارس والمعاهد والبحوث العلمية، تصرّ أجهزة حكومة الأسد في التنافس ببناء المعتقلات وإعداد السجونّ وإنشاء المقابر الجماعية”. وأكدت الأمير على أنّ “دول العالم قادرة على إيقاف عجلة القتل والاعتقال والاختفاء القسري التي يقودها بشار الأسد من خلال تواجد مكاتب حقوقية وأممية مختصة بأمور متابعة المعتقلين وملاحقة ملفات المختفين قسرياً داخل سورية “، مشيرةً إلى أنّ “زيارة كوفي عنان المبعوث الأممي السابق لسورية منذ عامين، حتى رغم أنها كانت “بروتوكولية” نوعا ما، إلا أنّها في الحقيقة أنقذت العديد من المعتقلين، أي العديد من العوائل، أي العديد من الأطفال، أي العديد من ظاهرات التشرد”. وختمت الأمير كلمتها الموجهة للسفراء بالقول “إنّ هذا الشهيد الحي -المختفي قسريّا- هو قتيل مع إيقاف التنفيذ وجريمة إنسانية بكلّ ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وكما أنّ المعتقل هو الجندي المجهول لثورة المواطن السوري، فإنّ المختفي قسريّا هو الجنديّ المجهول للمعتقلين ذاتهم. إن تخلّي حكومات العالم عن المواطن السوري الذي يمارس تجاهه الأسد مختلف أنواع الظلم والتنكيل، وجعله رقماً في إحصائية، ومادة إعلامية في تصريح أو بيان، أمر معيب ولا يتناسب مع مجتمع تسوده شريعة حقوق الإنسان. فلابدّ من الضغط على نظام الأسد لإطلاق سراح جميع المعتقلين والكشف عن كافة ملفاتهم كخطوة أولى نحو حلّ المشاكل التي يعاني منها المعتقل والسياسي والمواطن والإنسان السوري”. هذا وبدأ المحامي عمار تباب رئيس ملف الاختفاء القسري كلامه أثناء المؤتمر الصحفي ولقائه بالسفراء بالقول: “بين السياسة والحرب نسينا الإنسان ولا بدّ أن نعيد للإنسان اعتباره. ويشير التقرير الذي أصدرته الهيئة وعنونته باسم الصندوق الأسود إلى وجود ما يزيد عن الستين ألف مفقود بحسب التقديرات و ما يقارب 53,522 مختف في سورية على أقل التقديرات، من ضمنهم 6722 شخصا تمَّت تصفيتهم ومنهم 1348 طفلا و 1511 امرأة”. مردفاً بأنه “لم تكن سورية الدولة الأولى التي تعرض مواطنها لجرم الاختفاء القسري ولن تكون الأخيرة، إلا أنها ربما تسجل سابقة يختفي بها مجتمع بأكمله قسراً وهي حالات أكدتها شهادات بمناطق قريبة من وادي الضيف في إدلب على سبيل المثال، حيث تم احتجاز مناطق كاملة من قبل قوات الأسد دون أن يتسنى لذويهم الذين سنحت لهم الفرصة بالفرار أن يعرفوا أي شيء عن مصيرهم وهناك شهادات لدى الهيئة تؤكد ذلك. ومن الأمثلة على حالات الاختفاء القسري الأحد عشر ألف حالة التي أثبتها العالم من خلال الصور المسربة بتقرير سيزر، والتي لا تدع مجالاً للشك بمسؤولية النظام عنها، إلا أن هذا العالم وللأسف قرر السكوت لأسباب سياسية لا تضع اعتبارا للإنسان. وبالمقابل عندما اقتضت هذه الضرورات السياسية مجابهة تنظيم داعش؛ شهدنا تهافتاً من قبل المجتمع الدولي للقضاء عليه، الأمر الذي يدل على ازدواج المعايير التي تغاضت عن المجرم الأساسي والذي كان إجرام داعش امتدادا وانعكاساً لجرائم الأسد التي قرر العالم السكوت عنها”. هذا وأضاف تباب “من المفارقات السياسية المدهشة أيضا، أن النظام والمجتمع الدولي يحاول أن يجد مبررا من خلال حالة اختفاء قسري لبسط نطاق تنفيذ القرار الأممي إلى سورية، وهي حالة الصحفي الأمريكي جيمس فولي الذي تداولت الأخبار قتله من قبل تنظيم داعش الأسبوع الماضي والذي اعتقل في نهاية عام 2012 أي قبل وجود تنظيم الدولة في سورية إطلاقاً. مع أن هذا العالم سكت عن أحد عشر ألف حالة أثبتها بنفسه (تقرير سيزار)، ما يدلّ أن في عالمنا أصبح للإنسان جنسية الإنسان هي التي تعطيه قيمته الإنسانية ليحميه العالم، الأمر الذي يضعك أمام معادلة ظالمة تقول أن أحد عشر ألف سوري لا يساوون شخصا أمريكيا واحدا”. وختم رئيس ملف الاختفاء القسري بقوله “ليس هناك تاريخ نجعله ميلاداً لهذه الجريمة في سورية، إلا أننا نطمح إلى اليوم الذي تُسجَّل فيه نهايتها وإلى التاريخ الذي يعود فيه للإنسان اعتباره”. (المصدر: الائتلاف)