ألقى رئيس هيئة التفاوض السورية بدر جاموس كلمة أمام مجلس الأمن الدولي، اليوم الثلاثاء في نيويورك، عبّر عن الفخر والاعتزاز باليوم الذي أشرقت فيه شمس الحرية على سورية، في الثامن من كانون الأول، مشدداً على أن هذا اليوم يمثل انتصار إرادة الشعب السوري الذي أجبر رأس النظام المستبد على الفرار من دمشق، وهو ما سيظل خالدًا في ذاكرة السوريين.
ولفت جاموس على أن هيئة التفاوض السورية حذرت مرارًا وتكرارًا من أن صبر الشعب السوري، الذي التزم طويلا بالسعي نحو حل تفاوضي وسلمي، لن يدوم إلى الأبد، وخاصة بعد أن فقد السوريون الثقة بقدرة المجتمع الدولي والأمم المتحدة على حماية المبادئ الإنسانية وإنصاف الشعوب الساعية للعدالة.
وأضاف أنه وعلى مدار ثلاثة عشر عامًا، بذلت المعارضة السورية، كل الجهود الممكنة وأظهرت أقصى درجات المرونة لتحقيق انتقال سياسي سلمي، لكن النظام المستبد ظل العقبة الكبرى، متجاهلاً جميع المبادرات التي قادها أربعة مبعوثين دوليين، بينما دفع السوريون ثمنًا باهظا من دمائهم وأرواحهم.
وشدد جاموس على أن السوريين تشردوا في جميع أنحاء العالم كلاجئين يبحثون عن الأمان والكرامة، فيما تحملت المعارضة مسؤولية تحقيق تطلعات الشعب السوري نحو دولة القانون والحرية والعدالة والمواطنة.
ولفت إلى أنه لم تكن المعركة مع النظام فقط، بل مع الاستقطابات الإقليمية والدولية التي جعلت المهمة أكثر صعوبة، متابعاً قوله: “ومع ذلك، لم نتوقف عن النضال، رغم الأسئلة الصعبة التي واجهتنا: أين الحل السياسي؟ وأين تنفيذ القرار 2254؟”
وأوضح جاموس في كلمته أمام أعضاء مجلس الأمن، أنه وبعد سقوط النظام، أصبح جليًا للعالم حجم الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها هذا النظام بحق الشعب السوري، حيث كشفت السجون والمعتقلات عن فظائع وحشية ستظل وصمة عار في تاريخ البشرية، مؤكداً على الاستمرار في ملاحقة هذا النظام ورئيسه الفار قضائيًا، حتى تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا، مضيفاً أن العدالة الانتقالية والمساءلة ليست خيارًا بل ضرورة لضمان عدم تكرار هذه الجرائم.
وثمن جاموس الجهود التي تبذلها الإدارة الحالية، ورئيسها أحمد الشرع، ورئيس الحكومة المؤقتة في دمشق محمد البشير، لاستعادة الأمن وتقديم الخدمات للمواطنين، وأكد الاستعداد للتعاون معها لبناء سورية الجديدة؛ دولة يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات، خالية من التدخلات الخارجية، وتحافظ على علاقات متوازنة مع جيرانها وأصدقائها.
وبيّن جاموس أن النظام المستبد ترك سورية في حالة من الخراب الاقتصادي، حيث يعيش 80% من السكان تحت خط الفقر، مضيفاً أنه آن الأوان لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على الدولة السورية وزيادة الدعم الإنساني والإغاثي لتمكين السوريين من إعادة بناء وطنهم.
وأضاف رئيس هيئة التفاوض السورية أن الإيمان لا يزال موجوداً بأن ما تبقى من القرار 2254 يُشكل خارطة الطريق لتحقيق تطلعات الشعب السوري، لافتاً إلى أنه ورغم تغير الظروف، وانهيار النظام الذي كان طرفا في القرار، إلا أن روح القرار وجوهره، المتمثل في تحقيق حكم الشعب لنفسه من خلال انتخابات نزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، لا يزال هو المبدأ الذي تستند إليه هيئة التفاوض السورية.
ودعا جاموس إلى العمل على تشكيل حكومة وطنية انتقالية شاملة تمثل جميع أطياف الشعب السوري، من الثوار إلى السياسيين والمجتمع المدني، وكافة مكونات الشعب السوري مع ضمان تمثيل المرأة والشباب.
وطالب بعقد مؤتمر وطني شامل، تتولى الحكومة الانتقالية تنظيمه، لاختيار جمعية تأسيسية من الحكماء والخبراء والعلماء والسياسيين ورجال الدولة ووجوه المجتمع من الرجال والنساء ومن المخضرمين والشباب، تكلف بإعداد دستور جديد يعبر عن تطلعات السوريين، ثم تنظيم استفتاء على الدستور الجديد والمضي قدمًا نحو انتخابات حرة ونزيهة في بيئة آمنة ومحايدة تحت إشراف الأمم المتحدة.
وشدد جاموس على أهمية إنشاء صندوق لدعم المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم، لتأمين احتياجاتهم وإعادة دمجهم في المجتمع بعد سنوات من المعاناة، وإنشاء صندوق لدعم أسر شهداء الثورة، الذين ارتقوا تحت التعذيب في معتقلات النظام الوحشية أو في ساحات الحرب التي شنّها على المدنيين الأبرياء، لتكريم تضحياتهم والتعويض على ذويهم، معتبراً ذلك أنه أقل ما يمكن فعله أمام الحقائق المفجعة التي تعرض على الشاشات سواء في صيدنايا أو غيرها أو في المقابر الجماعية التي يُكتشف وجودها كل يوم.
وأكد ضرورة إعادة المنشقين عن النظام والمفصولين من وظائفهم ظلما إلى مواقعهم فورًا، وصرف كافة مستحقاتهم المالية، معتبراً أن هؤلاء دفعوا كل ما لديهم للوقوف بجانب شعبهم وأهلهم.
وطالب بإنشاء صندوق لدعم اللاجئين والمهجرين الراغبين في العودة إلى سورية، لتأمين احتياجاتهم وضمان عودتهم بشكل كريم وآمن.
وشدد جاموس على أن الشعب السوري عازم على بناء سورية الجديدة، دولة القانون والعدالة والديمقراطية، وجمهورية تنتمي إلى هذا العصر تحمي جميع مواطنيها دون تمييز، وتبقى موحدة أرضًا وشعبًا.
المصدر: الدائرة الإعلامية للائتلاف الوطني السوري