في مثل هذا اليوم، استشهد عبد القادر الصالح قائد لواء التوحيد، لـ”يجعل من جسده جسراً تعبر عليه الأجيال، وتبنى على عظامه الأمجاد، ويستقي من بطولاته الأشبال. فالحرية تبقى جثّة هامدة حتى نموت من أجل تحقيقها، عندها ينفخ الله بها روح الحياة”، حسبما أفاد نصر الحريري الأمين العام للائتلاف الوطني السوري. مردففا أثناء لقاء خاص أجراه معه المكتب الإعلامي” تتقزم الهامات أمام هؤلاء المقاتلين من عبد القادر الصالح والعقيد مصطفى شدود وأبو الفرات وحسان وياسر العبود وأبو يزن الشامي، إضافة لغيرهم من كواكب الحراك السلمي، كـأيهم الحريري وحسام عياش ومؤمن مسالمة ومحمود الجوابرة. فمن أعظم ممن يضحي بروحه من أجل أن يعيش الآخرون، ويكتب بدمائه كتاباً مقدساً لا يفهمه غير المظلومين ولا أحد يستطيع تفسير معانيه إلّا تراب سورية”. وأثناء اللقاء أضاف الحريري” ربح البيع أبا محمود (عبد القادر الصالح) وهنيئاً لتراب سورية بك، وبكواكب الحراك السلمي الأربع من قبلك، والذين كانوا شهداء ثورة السلمية الأوائل، التي قابلها الأسد بدباباته وجحافله الراجفة، فقارع القلم بالبندقية، ومزق اللافتات الملونة برصاصه الغادر الراجف، ظاناً بأنه الحل في تحطيم كلمة الشعوب. لن ننسى هؤلاء الكواكب الذين جعلوا من دمائهم شهداء على الثورة في الـثامن عشر من آذار 2011، كأيهم الحريري وحسام عياش ومؤمن مسالمة ومحمود الجوابرة، هؤلاء الشبان الذين كانوا يسهرون طوال الليل من أجل كتابة اللافتات وتلوينها، وتأليف الشعارات والكلمات التي ستقدح بها حناجرهم في ساحات المدن، ليسطروا من خلالها أعظم جهاد عرفه التاريخ، وعرّفه الرسول الكريم بأنه هو كلمة حقّ في وجه سلطان جائر. لذا وفي هذا اليوم الذي شهد استشهاد هؤلاء الأبطال الأوائل، نعلنه في الائتلاف الوطني يوماً رسمياً لعيد الشهداء في سورية، ونؤكد فيه قسمنا بأننا لن نحيد عن مطالبكم، ولن نقتلكم مرتين، فدماؤكم دين في رقابنا ولن نتنازل عنها البتة”. هذا وأشار الأمين العام” منذ االيوم الأول في الثورة السورية، اتبع نظام الأسد سياسة اغتيال الصوت التوافقي، المؤمن بالتنوع والاختلاف وعدم إلغاء الأصوات الوطنية الأخرى، لأنّه يدرك تمام المعرفة، بأن رواج ثقافةِ الإيمان بالاختلاف، من شأنه أن يكون النواة الأولى لتوحيد كلمة السوريين. أحد لم ولن ينسى، العقيد مصطفى شدّود، الذي كان يقاتل في صفوف الأسد ضدّ الثوار، لكنّه وبالرغم من أنّه كان مدججاً بالسلاح، إلّا أنّه لم يستطع التغلّب على سوريته، التي اختصرها بحروفه التي مازالت تتردد في آذان الشرفاء حتى اللحظة، عندما ألقى سلاحه وخاطب الثوار الذين أرسله بشار الأسد لقتلهم: (أنا متلك أنا أخوك أنا سوري، مشان الله ما بدنا نقتل بعض). نعم إنّ هذه الكلمات يتفق على قدسيتها السوريون كافة، إلّا أنّ مسامع الأسد وميليشاته الإرهابية التي استوردها لاستئصال صوت الحرية، لم تستسغ هذه الكلمات، لأنّها تهدد سياسة التفرقة التي اتبعها كاستراتيجية مطلقة، في حماية كرسيّه الراجف، الموشح بالدماء والكيماوي والقائم على جماجم الأطفال، فكان مصير هذا الصوت الوطني، القتل على أيدي قوات الأسد بعد أيام معدودة من هذا الحوار الوطني والتاريخي الذي دار بينه وبين ثلة من الثوار الأبطال على جبهات القتال. العقيد شدّود ليس الوحيد من تمرّد على أوامر الأسد، ولكنه الوحيد من رأيناه في الإعلام ففضحت جريمة الأسد بحقه، ولكنني على ثقة بأن هناك عشرات الآلاف من” شدود” قتلهم الأسد من الخلف برصاصة صامته لا تعرف أدنى مبادئ الوطنية، وإن استجلاب قوات الأسد واستعانتها بميليشيات إيران وحزب الله الإرهابية، يؤكد أنّ قوات الأسد تعاني من نقص كبير في الموارد البشرية التي وافقت على قتل السوريين والدفاع عن شخص واحد وعائلة واحدة هي عائلة الأسد!!. حتى الآن ما زال الأسد يتجاهل بأنّ ما يجري في سورية ليست ثورة أشخاص بل ثورة شعبية بامتياز، ولا يمكن للبندقية والدبابة ولا حتى للصواريخ العابرة للقارات من الوقوف في وجه إرادتها الملتهبة والتواقة لتمزيق ثوب الاستبداد”. وأردف الحريري في اللقاء مذكرا بالشهداء الذين قدموا أنفسهم قربانا للحرية حسب قوله ” لن ننسى أيضا في هذا اليوم، أن نترحم على أحمد الخلف وأبو فرات وياسر العبود وحسان عبود وأبو طلحة وأبو يزن و غيرهم من البقية الطيبة التي تؤمن بأن سورية للجميع، وأنّ أحدا لا يستطيع إلغاء الآخر. الأمر أمسى واضحا للجميع، ولم يعد خافياُ على أحد، سياسة الأسد وحلفائه في اغتيال وخنق أي صوت توافقي ومعتدل في الثورة، لا يناسب سياسة التجييش الطائفي التي اتبعها ويتبعها لتغذية وجوده الديكتاتوري. وإنّ هذا ما يفسر عدم استهدافه لتنظيم داعش الإرهابي حتى الآن، لأنه _تنظيم وظيفي_ له وظائف محددة ينتهي بانتهائها، لذا فوجود مثل هذه التنظيمات لا تشكل خطرا على الأنظمة الديكتاتورية بل على العكس تماما. أمّا محاربة الأسد للجيش الحر ولعبد القادر الصالح ولأبي الفرات والعقيد شدّود وغيرهم من الأصوات التوافقية الوطنية، أمر طبيعي ويتناسب مع ارتهان الأسد للقوى الخارجية، لأنّ المعركة معهم معركة وجود وتهديد مباشر للكيان الاستبدادي الذي عمل الأسد على بنائه طيلة الفترة الماضية، فجميع هذه الأسماء، هي وليد الثورة وكلمة الشعب التي تجمهر ليقولها ويكتبها بدمائه في ساحات المدن السورية، فالثورة مستمرة ودماء الشهداء الزكية دين ثقيل في رقابنا والأمة ولَّادة وليست بعاقر والثورة التي أفرزت هؤلاء القادة لن تعجز عن المجيئ بمثلهم” وختم الحريري بقوله:” وأخيرا، لا بد أن نثق بأن نصر الله آت، وإن ما نعيشه مخاص عسير لكنه طبيعي، لأن الحرية عادة لا تولد ولادة طبيعية، بل تنتزع انتزاعا من أيدي المستبد. إبطاء نصر الثورة حتى الآن، لا يعني الهزيمة، بل هي معادلة طبيعية لشعب أراد الحرية وانطلق لتغيير الواقع السياسي للانتقال به من حيز الديكتاتورية إلى واقع القانون والحرية”. المصدر: الائتلاف