الائتلاف الوطني السوري
18 حزيران، 2014
انتهى زمن الكلام عن المخاطر والتحذير من القادم، فقد وقعنا في المحظور، وما نبّهنا منه في سورية صار كابوسا يعمّ المنطقة ويهدد السلام والأمن الدوليين.
أيها السادة، يوم رفعنا الصوت وكان جلّكم معنا، محذرين من تحويل سورية إلى ساحة لتهديد أمن المنطقة وتصدير الإرهاب الدولي، وجدنا آذانا دولية صاغية، ولكننا لم نلمس أفعالا تدل على جدية في مواجهة خطر الإرهاب على أنواعه.
السادة الكرام، لنكن أكثر صراحة ولننزع قليلا قفازات الدبلوماسية، إنه حمّام دم يمتد من سورية إلى العراق والآتي أعظم، لذلك لنضع الأصبع على الجرح فقد أكلت بعض الدول والحكومات ما صنعته بيديها، وإن الذي يتوهم أن الإرهاب يوظف عند الطلب، بات على يقين اليوم بأن الإرهابيين وظفوه هو في مشروعهم من حيث يعلم أو يجهل … لا فرق.
طباخ السم ذائقه… ومن حزّ بالسيف …. بالسيف عنقه يجز… هذه سنة الله والتاريخ والعدالة.
وليس الوقت الآن لفتح حسابات مفتوحة أصلا ولن تغلق إلا بعودة الحق والحقوق، لكن ما أردنا أن نشير إليه هو لنذكر إن نفعت الذكرى، وها قد ثبت اليوم أن اللعب بالنار السورية والعبث بدماء السوريين يرتد إلى نحور العابثين ويحرق المنطقة برمتها… فماذا ننتظر بعد، بالله عليكم؟
هل ننتظر أن تعلن داعش إمارتها بحدود دولية عابثة بالأوطان والإنسان والحرمات؟ أو أن تصل مرتزقة حزب الله إلى العراق لإكمال مشهد الحقد الطائفي البغيض؟ أم ننتظر مجزرة جديدة في بلد جديد يضعه العابثون على طريق ذات الشوكة السورية؟
آن الأوان للانتقال إلى الفعل… فالشجب والندب… لغة ما عادت تسمع أو تقرأ، ونحن في الثورة السورية يمكن أن نزودكم بمجلدات من عبارات الشجب والاستنكار، من أكبر الدول والمؤسسات الدولية، ولم تحمل لنا إلا الموت والخراب.
إنها صرخة بوجه دول عربية لم تحسم أمرها بين القاتل والمقتول حتى الآن، وبعضها يدعم القاتل بوقاحة وصلف قلّ نظيرهما. إنه كفر صريح بالشعارات الفضفاضة البالية الزائفة التي تقتل شعوبا باسم الدفاع عنها وعن المقدسات، وباسم المقاومة والممانعة.
ولنكن أكثر صراحة ونسأل أنفسنا والناس: كيف يمكن لبضع مئات أو آلاف من الدواعش أن يجتاحوا مدنا وقرى ومحافظات من سورية الى العراق؟
أيها السادة… داعش التي ترون فظائعها الآن ليست وحشا من عالم آخر، ولا هي خرجت من جوف الأرض صدفة… إنها نتاج القهر مضافا إلى سنوات عجاف في الأمن والسياسة والاجتماع، داعش صنعت في الشرق الأوسط، نعم في الشرق الأوسط، وبعض الصانعين عن علم أو جهل يمكثون بيننا يتغنون بشعارات مواجهة داعش، ويسعرون نارها ثم يبكون على أطلالها. ونسأل أيضا، هل تمكن من مواجهة إرهاب العراق إلا أهل العراق؟
ألم تفشل الحكومة العراقية وهي التي تملك السلاح والمال والطائرات في السيطرة على الحدود لعبور الإرهاب من العراق إلى سورية وبالعكس، ألم يهرب من سجن أبو غريب والتاجي منذ أكثر من عام أكثر من ألفي سجين من المتطرفين، ألم يهرب قبل عشرة أيام بحدود ثلاثة آلاف من سجن الموصل وجلُّهم سيتواجدون في سورية.
ألم تسجل الثورة السورية سابقة في تاريخ العالم بمواجهتها بشار وداعميه، ومرتزقة حزب الله، وعصائب أهل الحق من العراق، بالإضافة لداعش وأخواتها في آن معا؟ ومن دون أي تدخل دولي مباشر أو غير مباشر… باستثناء مساعدة من بعض الأشقاء وتحديدا المملكة العربية السعودية مشكورة.
والآن، وأنا أقف بينكم اليوم، يخوض الجيش الحر وأبناء العشائر العربية في محافظة دير الزور الصامدة الأبية، أشرس المعارك في مواجهة إرهاب داعش منذ أربعة أشهر حتى هذه اللحظة، صمودهم هذا، قطع الطريق أمام مشروع قيام دولة للإرهاب، تمتد من الموصل في العراق، وصولا إلى الرقة في سورية.
وبالمناسبة نعيد التذكير لمن قطعوا الوعود؛ إنّ تركنا من دون دعم هو أكبر خدمة للإرهاب في طول المنطقة وعرضها، ونسأل أيضاً: هل سيتم توجيه ضربة لداعش في العراق لينتقل ثقلها كاملا إلى سورية؟ وهل ستترك الميليشيات الطائفية تعيث فسادا وإرهابا من العراق إلى سورية وتقدم لها آيات الشكر والامتنان؟ وهل سيكون الأمر بطريقة عبثية كالعادة أم سيكون بخطة استراتيجية لخلاصنا من هذا السرطان؟
أخيرا أيها السادة، فلنكن واقعيين، ونواجه الحقائق على الأرض بالحق والقوة معا، فلا يجوز لجمعنا اليوم أن يصمت عما ترتكبه داعش من إرهاب في العراق وسورية، لكن قمة الإرهاب والعار تكمن في قطع يد أخطبوط الإرهاب وترك الرأس يحرك بقية الأيدي بالإثم والعدوان.
والسلام عليكم.