قصفت قوات الأسد بالبراميل المتفجرة وراجمات الصورايخ شبكات المياه المغذية لأغلب المدن السورية الخارجة عن سيطرتها، لحرمان الأهالي من مياه الشرب واستخدامها كورقة ضغط جديدة على الثوار. حيث استهدف “دوار الحاووز” في مدينة حلب ببرميل متفجر أدى إلى تعطيله عن العمل، كما استُهدِفَت خزانات المياه في مدينة الأتارب بحلب، والغنطو في حمص، بالإضافة إلى قصف محطة ضخ مياه الشرب في قلعة الحصن، وقرية الحسينية في دير الزور. ويبين تقرير أعدته “مجموعة عمل اقتصاد سورية”، صعوبة حصر الأضرار التي لحقت بالمياه والري، نظراً إلى انتشار الأضرار في الأماكن كلها، ومنها محطات الضخ وشبكات الشرب والري والصرف الصحي. ففي حمص، أشار التقرير إلى تلوث القناة الرئيسية لشبكة حمص-حماة للري، بعد تسرب النفط إليها، وتوقف محطات الضخ لشبكات الري في معظم المناطق في محافظة حمص، وتضرر بعض آبار المياه الجوفية. وفي دمشق، تعتبر مياه عين الفيجة المصدر الرئيسي لمياه الشرب، وهي لم تتأثر كثيراً. وتأثرت خزانات المياه في معظم مناطق ريف دمشق بأثر القصف، كما حاق ضرر بالبنية التحتية لشبكتي مياه الشرب والصرف الصحي. وتوقفت مصفاتان للمياه في دير الزور من أصل 7 مصافٍ، وفيما تعمل ثلاث أخرى بشكل بسيط، وتواصل مصفاتان العمل بشكل جيد لكن من دون تنقية بسبب عدم وجود مواد للتعقيم. وأدت هذه الأمور إلى إصابة سكان ريف دير الزور بأمراض مختلفة كالتهاب الكبد الوبائي والليشمانيا وغيرها. وفي ظل غياب محطات المياه، لجأت بعض القرى في ريف دير الزور إلى الشرب من مياه نهر الفرات مباشرة بواسطة صهاريج مستأجرة. وفي أحيان كثيرة، عمد نظام الأسد إلى قطع المياه عن المناطق والمدن، خصوصاً المُحررة، بهدف الضغط على المدنيين وحرمان الناس من هذا الشريان الحيوي. وعمد إلى قطع المياه عن مدينة حماة، فغرق سكانها في العطش! وأفاد ناشط من حماة بأن الناس لجؤوا إلى شراء عبوات المياه المعدنية من شركات تابعة لنظام الأسد كـ “دريكيش” و”بقين”، بأسعار مرتفعة. كما قطع النظام المياه عن مدينة داريا في الغوطة الغربية منذ بدء الثورة، واستهدف شبكات المياه بالقصف، ما جعل الأهالي يستعينون بمياه آبار حفروها بعد الثورة. على رغم أن هذه المياه ليست مُعالَجَة صحياً، لكنها تفي بالغرض. وتكمن خطورة شرب هذه المياه في احتوائها على كثير من الجراثيم والبكتيريا التي تهدد بانتشار أمراض شتى بين الأهالي. في الوقت نفسه، يدفع السكان مبلغاً يفوق إمكاناتهم مقابل الحصول على خزان من المياه للاستعمال المنزلي، وهذا المبلغ يصل إلى 2500 ليرة (حوالى 17 دولاراً) لخزان سعته ألف ليتر،أي عشرة أضعاف الثمن الطبيعي. وتحت وقع الحصار الذي يفرضه النظام على الغوطة الشرقية، تشتد مشكلة المياه التي لا غنى عنها. إذ قطع النظام المياه منذ ما يزيد على العام، فحفر أهالي الغوطة آباراً، لكن ندرة المحروقات رفعت سعر البرميل إلى ما يزيد على 500 ليرة سورية للمياه غير الصالحة للشرب. ووصل سعر المياه الصالحة للشرب مئة ليرة سورية لعشرين ليتراً، وكان السعر سابقاً لا يتجاوز 15 ليرة سورية. وأكد وزير البنية التحتية والموارد المائية في الحكومة السورية الموقتة وليد الزعبي أن “الوزارة جمعت المعلومات عن الأمور الأكثر إلحاحاً بالنسبة لمياه الشرب وخزاناتها وشبكاتها في سورية. وهناك مشاريع جاهزة للتنفيذ عندما تكون موازنة الوزارة جاهزة”. مشيراً إلى “اهتمام الوزارة بالمشاريع الكبرى ومنها المشاريع على نهر الفرات، وتوسيع نسبة ضخ محطة مياه البادية التي لا تعمل حالياً سوى بنسبة 20 في المئة من طاقتها، إضافة إلى مشروع قناة قرية مسكنة في محافظة حلب”. موضحاً أن “هناك مشاريع كبيرة لتأمين مياه الشرب وحفر الآبار في عدد من المناطق، لكن لا يمكن التصريح عنها خوفاً من قصف النظام لها”. وأشار الزعبي إلى “وجود تعاون وثيق بين الوزارة والمجالس المحلية في المناطق المُحررة. إذ تقدم الوزارة الجزء الأكبر من تمويل مشاريع المياه، خصوصاً ما يتعلق بصيانة شبكات المياه المتضررة جراء قصف النظام، كما تؤمن الخبرات العالية، وتساعد في التنفيذ العملي”. مضيفاً إن “هناك مشاريع كبيرة تخص محافظة دير الزور أيضاً، تهدف لإنهاء تلوث المياه في قرى المحافظة، ومعالجة المياه الجوفية المالحة المخصصة للري، وإنشاء شبكات صرف جديدة”. (المصدر: الحياة)