عجز بشار عن مواجهة رجال الغوطتين، فقرر الانتقام بقتل أطفالهم النيام، هذه المرة لن ينتقم بالهاون والبارود، الذي لم يثن عزم رجال الغوطتين أو يخفت من لهيب ثورتهم ونار غضبهم، هذه المرة ستكون أداة الجريمة من أسلحة الدمار الشامل “السلاح الكيماوي”، الذي يهلك الحرث والنسل، لقد عدد بشار أسباب الموت على السوريين إلا أن الموت كان واحدا.
يوم الأربعاء “الأصفر” في الحادي والعشرين من آب عام 2013، يوم تلون بلون الحقد الأسدي ولون راية ميليشيا حزب الله، ولون الكيماوي، استفاق من تبقى من أهل الغوطتين على الضربة الكيماوية الموجهة من نظام الأسد الإرهابي، بينما ظل أكثر من /1,400/ ألف وأربعمائة شهيد من الأطفال والنساء والرجال غفاة لم يستيقظوا، وتوزع أكثر من /10,000/ عشرة آلاف مصاب، على النقاط الطبية المنتشرة في رياض الغوطتين، حسب التقرير الذي نشره المكتب الطبي الموحد، حيث كان العديد منهم في حالة حرجة بسبب النقص في المواد والكوادر الطبية والحصار الخانق عليهما.
أثارت هذه الجريمة البشعة من نظام الأسد زوابع وعواصف من ردود الفعل، التي لم تنجل حقيقتها ولم تظهر أبعادها بعد، ومن ذلك كان لابد من تحرك إغاثي عاجل لأهل المصاب الجلل أهل الغوطتين، فتحركت الكثير من المؤسسات الإغاثية والإنسانية وعلى رأسها وحدة تنسيق الدعم في الائتلاف الوطني السوري، حيث قام الفريق الطبي في وحدة تنسيق الدعم بالائتلاف الوطني السوري بالتواصل مع المكاتب الطبية في الغوطتين، وعمل على تقييم سريع للاحتياجات العاجلة لتفادي آثار ضربة كيماوية أخرى، بحيث تكون المشافي الميدانية مجهزة قدر الإمكان للتعامل مع الأعداد الكبيرة من المصابين والمتضررين، وبناء على ذلك، تم تخصيص مبلغ /142,100$/ مائة واثنين وأربعين ألف دولار أمريكي، تم تقسيمها حسب الآتي:
دفعات نقدية بقيمة /80,000$/ ثمانين ألف دولار أميركي لشراء مستلزمات وأدوية متوفرة في الداخل السوري، تم صرفها للغوطتين، منها سبعون ألف دولار للغوطة الشرقية، تم تسليمها للمكتب الإغاثي الموحد للغوطة الشرقية.
كما تم إرسال مبلغ 10000عشرة ألاف دولار لمدينة المعضمية في الغوطة الغربية، لشراء المستلزمات والأدوات الطبية اللازمة، وإيصالها لمدينة المعضمية بالتنسيق مع المجلس المحلي للمدينة، وإدارة المشفى الميداني هناك.
كما تم أيضاً شراء مواد ومستلزمات طبية بقيمة /62,100$/ اثنين وستين ألفاً ومائة دولار أميركي، وهي كالتالي:
– بدلات وأقنعة واقية من الغازات الكيماوية.
-أكياس دم.
– أدوية ومواد طبية: هيدرو كورتيزون، أتروبين، ديكساميتازون، براليدوكسيم، سيرومات.
– أجهزة إرذاذ، أمبو قياس كبير وصغير.
ومن قبل المجزرة ومن بعدها عانى أهل الغوطة وما زالوا يعانون من حصار خانق أعوزهم للدواء والغذاء وحليب الأطفال وحتى أبسط متطلبات العيش، لذلك خصصت وحدة تنسيق الدعم في الائتلاف الوطني مبلغ /550,000$/ خمسمائة وخمسين ألف دولار أميركي؛ لتقديم الدعم الغذائي لهم وللمناطق المنكوبة في دمشق وريفها، لاسيما المناطق المتضررة جراء المذبحة الكيماوية الأخيرة.
ولصعوبة وصول المواد العينية تقرر إرسال المبالغ النقدية حيث تتولى المكاتب الإغاثية هناك شراء الأغذية وتوزيعها، حسب ما أفاد مسؤول “الشراكات المحلية في الداخل” ضمن وحدة تنسيق الدعم بالائتلاف الوطني، حيث تم تسليم مبلغ 150,000 مائة وخمسين ألف دولار للمكتب الإغاثي الموحد في الغوطة الشرقية، وكذلك تسليم مبلغ 125,000 مائة وخمسة وعشرين ألف دولار للمكتب الإغاثي الموحد جنوب دمشق.
أما المبلغ المتبقي وقيمته 250,000 مائتان وخمسون ألف دولار، فقد خصص مناصفة بين الغوطة الغربية ومنطقة القلمون، حيث تم الاتفاق على الإرسال والتسليم مع المكتب الإغاثي الموحد في الغوطة الغربية، ومع جمعية غراس النهضة، التي تعمل مع المكاتب الإغاثية التابعة للمجالس المحلية في القلمون.
والتواصل قائم مع العاملين في المكاتب الإغاثية هناك، وتسليم المبالغ سيكون في غضون الأيام القليلة القادمة حسب ما أفاد مسؤول الشراكات المحلية في وحدة التنسيق والدعم، حيث تستكمل الإجراءات الرسمية من الحصول على تفويض رسمي من قبل المكتب الإغاثي للغوطة الغربية وجمعية غراس النهضة؛ يتضمن تحديد أشخاص معينين لتسلم الدعم والمبالغ المالية المحددة.
طبعا هذه المبالغ تصرف بشكل أساسي على الحصص والسلل الغذائية للعائلات الأشد تضررا وفقرا مشتملة على عوائل الشهداء والمعتقلين والمفقودين والمصابين والمعوقين.
أما متابعة وصول الدعم والإغاثة للأماكن المستهدفة وسبل توزيعه، فيتم من خلال كشوفات شهرية تتوارد على وحدة التنسيق والدعم، مرفقة بالصور والفديوهات التوثيقية، إضافة لوجود بعض المندوبين من الوحدة على الأرض في الميدان في بعض الأماكن.
طبعا الأوضاع العصيبة التي تعصف بالبلاد لاسيما بالغوطتين حالت دون سرعة وصول الإغاثة والدعم، حيث تعاني الغوطتان من حصار خانق منذ أشهر عديدة، يصعب من عمليات التواصل والوصول للمنطقة، وهذا ما يدفع وحدة التنسيق والدعم بالائتلاف الوطني إلى التشديد على أهلنا ورجالنا المخلصين العاملين في الحقل الإغاثي بضرورة توحيد المكاتب الإغاثية ضمن مكتب جامع وفعال، ما يسهل الكثير من الصعوبات، ويختصر كثيرا من الوقت، ويساهم بشكل كبير في تسهيل جلب الدعم من الدول والمؤسسات المانحة، ويسهل عمليات التوصيل والتوزيع للدعم والإغاثة بشكل تسلسلي ومحكم وعادل.
وتعتبر تجربة المكتب الإغاثي الموحد للغوطة الشرقية نموذجا في ذلك، حيث يضم ستين مكتبا فرعيا، متوزعة على بلدات ومدن الغوطة الشرقية، ما سهل الكثير من الصعاب واختصر الأكثر من الإجراءات والأوقات.
يبقى ما قُدم ويُقدمُ من دعم هو جهد المُقِل، حيث تتصاغر كل الجهود والأعمال أمام ما قدمه الشعب السوري البطل من تضحيات، وما صبر عليه من ملمات، ولكن ذلك سيكون وقودا لهمة كل مخلص، أن يبذل المزيد والمزيد من العمل والجهد، الذي يخدم أهل سورية وثورتهم العظيمة ضد ظلم وطغيان نظام الأسد.