سلاح التجويع.. لِمَ لا يُفكَّك..!!
بزيارتين متعاقبتين إلى مكاتب وحدة تنسيق الدعم بغازي عنتاب، وفدٌ أميركي على رأسه “السفير ريك بارتون” ووفدان نمساوي وآخر بلجيكي ترأسهما “السفير النمساوي كلاوس فولفر” و”السفير البلجيكي مارك ترينتيزو” قاموا باجتماعين مُكثّفين مع السيدة سهير الأتاسي بهدف إطلاعهم على الواقع السياسي والإنساني وعلى أعمال وحدة تنسيق الدّعم. فاستعرضت الوضع الصعب الذي يعانيه الشعب السوري في الداخل وفي مخيّمات اللجوء والتحدّيات الكثيرة التي تواجه عمليات الإغاثة من حصار للمناطق في الداخل وقلة فاعلية المجتمع الدولي في دعم هذه العمليات وحتى عمليات الإغاثة عبر الحدود.
وأشارت في عرضٍ عن طبيعة عمل “وحدة تنسيق الدعم” إلى أنّه عملٌ إغاثي وتنموي فقط على الرغم من كون الوحدة أُوجِدت بقرار من الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إلا أنّ لها كل الاستقلالية عن التوجّهات والتجاذبات السياسية، إذ أنها وُلدت من أجل تنسيق جهود ودعم الدول المانحة بما يصبّ في خدمة المواطن السوري بالمناطق الأشد احتياجاً. وقالت بأن للوحدة دوراً كبيراً سيمتدّ ليشمل دوراً في إعادة بناء الدولة السورية بعد إسقاط النظام ولهذا ستضع الوحدة في تلك المرحلة معلوماتها ونتائج دراساتها بين يدي الحكومة السورية المؤقتة لتكون نواة معلومات يُستند إليها في تصريف أعمال دولة المستقبل ومؤسساتها.
وعرضت أيضاً السيدة أتاسي وبوضوح المزاج العام الغالب لدى الشعب السوري حيال سلبية مواقف المجتمع الدولي والغرب وأميركا تحديداً من القضية السورية وطالبتهم بالمزيد من الوضوح في مواقفهم وممارساتهم، فكيف لشعبٍ أن يقتنع بازدواجية يراها مِراراً؛ آخرها كان سرعة دخول فرق التفتيش والتفكيك للسلاح الكيماوي إلى أصعب المناطق في ريف دمشق بينما لم يُصار إلى تسهيل إدخال علبة حليب واحدة ومنذ أشهر، فإذا كان السلاح الكيماوي على تعقيده يُفكّك فلِمَ لا يُفكك سلاح التجويع الذي يستمر بفرضه النظام بهدوء وإطباق بُغية إركاع المدنيين في هذه المناطق. وأكّدت السيدة أتاسي أنّ الشعب يُدرك تماماً أنّ الحكومة الأميركية والغرب من ورائها يستطيعون إعادة استلام زمام المبادرة الدولية وإنقاذ الشعب السوري في محنته الإنسانية والسياسية إن أرادوا، وذلك بدلاً عن الظهور البارز لروسيا مؤخراً كقوة دولية أولى ذات توجّه مُعيّن لا يخدم الطرف المظلوم أي الشعب السوري في ثورته. ولكن هذه الإرادة غير متبلورة وغير كافية وهذا ما يجب أن تتداركه الحكومات الغربية والأميركية إن كانوا فعلاً يريدون الخير للشعب السوري ومستقبله.
وفي مجمل توضيحها لاستفسارات الوفود عن موقف الإئتلاف من المشاركة في مؤتمر جنيف 2 ردّت السيدة أتاسي بأنّ الرؤيا العامة للإئتلاف تؤمن بالحل السياسي ولكن على أن لا يكون لبشار الأسد أي دور فيه ولا حتى الدور الشكلي على رأس حكومة انتقالية إذ سيُعتبر هذا الدور مكافأة له رغم كل جرائمه بحقّ شعبه، وأن أي حديث عن المشاركة الحتمية في جنيف 2 هو كلام مُبكر وغير صحيح إذ أنّ القرار هو بعد التشاور في لقاء موسّع قريب سيشمل معظم القوى المعارضة من خارج الإئتلاف وداخله، ويشمل في مكوّناته الجيش الحر وكتائبه وحتى منهم الذين أصدروا بياناً بعدم شرعية تمثيل الإئتلاف لهم، ويشمل المجالس المحلية في محافظات الداخل وأفراداً ذوو شخصياتٍ اعتبارية دينية و وطنية، بحيث يُلامس قرار لقائهم التشاوري هذا نبض الشارع وتطلّع الشعب السوري فيه، فهو أولاً وآخراً سيد القرار في المشاركة أو عدمها بمؤتمر جنيف 2.
كما ذكرت السيدة سهير أن التخوّف الأكبر هو اعتبار الوضع الإنساني والإغاثي للشعب السوري نقطة من نقاط التفاوض على طاولة جنيف 2، وفي هذا خلط كبير بين السياسة والإغاثة إذ أنّهما ملفّين مُنفصلين ولا يجب لأي قوة دولية ولا للنظام السوري أن تجعل الملف الإنساني ورقة ضغط على المعارضة للذهاب إلى جنيف ليتم هناك مناقشتها. بل يجب العمل بشكل عاجل ومكثّف على رفع المعاناة عن الشعب السوري وفكّ الحصار عن المناطق المُحاصرة وبصورة دائمة وفق قوانين مُلزِمة لتسهيل إخلاء المدنيين والمصابين وتأمين إدخال الغذاء والدواء والمساعدات وحليب الأطفال دون اضطرار الأهالي للنزوح وإخلاء مناطقهم وأحيائهم. وشدّدت بأن حاجة البلد والشعب هي لهيئة حكم انتقالية عليا كاملة الصلاحيات تكون جسماً كاملاً قادراً على إدارة البلاد وحماية المؤسسات والثروات وضبط الموارد الطبيعية والمُقدّرات.
وفي نهاية كلٍّ من الاجتماعين أعرب رؤساء الوفود الزائرة حرص بلادهم على مساعدة الشعب السوري وسعيهم لدعم العملية السياسية على أنها برأيهم الحل الأمثل لرفع المعاناة عن الشعوب تاريخياً.