انتخب الائتلاف الوطني السوري رجل الأعمال السابق غسان هيتو الذي تلقى تعليمه في الغرب رئيسا لحكومة انتقالية في تصويت أجري في اجتماع في إسطنبول اليوم الثلاثاء.
ويأمل زعماء المعارضة ان يكون انتخاب هيتو الخطوة الأولى نحو ملء فراغ السلطة في سوريا الناجم عن انتفاضة عمرها عامان على الرئيس بشار الأسد.
وفي اجتماع للائتلاف الوطني السوري المعارض في إسطنبول امتد حتى وقت متأخر من الليل حصل هيتو على تأييد 35 صوتا من بين 48 صوتا شاركت في الاقتراع بين أعضاء الإئتلاف.وقال هيتو لأعضاء الائتلاف في تصريحات مقتضبة بعد انتخابه “أتوجه ببالغ الشكر إلى ابطال وثوار الشعب السوري. نحن معكم”.
ولد هيتو في دمشق العام 1963، ودرس في جامعة انديانا ويزليان وجامعة باردو الأميركيتين، وهو عضو في جمعية الدعم القانوني للجالية العربية والمسلمة.
ويحمل هيتو الجنسية الأميركية وعمل في قطاع الاتصالات في الولايات المتحدة قبل عمله في توفير المساعدات الإنسانية للانتفاضة على انه شخصية وسطية داخل المعارضة.
وقالت مصادر في الائتلاف انه تم انتخاب هيتو بتأييد من الأمين العام للائتلاف مصطفى صباغ وهو رجل أعمال له صلات قوية في الخليج وكذلك من جماعة الإخوان المسلمين التي تحظى بتأثير قوي على كتلة كبيرة في الائتلاف.
وانسحب بعض كبار اعضاء الائتلاف ومنهم الزعيم القبلي أحمد جربا ونشطا المعارضة وليد البني وكمال اللبواني من الجلسة قبل التصويت احتجاجا على ما قالوا إنه مسعى متسرع مدعوم من الخارج لاختيار هيتو.غير أن أنصار هيتو جادلوا بأن رجلهم مدير مؤهل لا تشوبه شائبة من الصراعات السياسية الداخلية في الائتلاف.
وقال محمد قداح ممثل الائتلاف من درعا مهد الانتفاضة “تم التوصل الى شبه اجماع على هيتو. وهو رجل عملي ذو خبرة في الإدارة ومنفتح للمناقشة. وقد وعد بالتشاور على نطاق واسع قبل اختيار الوزراء وألا يعين إلا من له خبرة طويلة”.
وقال لؤي صافي، وهو عضو آخر في الائتلاف، انه من المتوقع ان يقوم هيتو بتشكيل حكومة تضم وزيري الدفاع والخارجية مع التركيز أيضا على الحقائب الوزارية للخدمات.وأضاف صافي قوله: “هذه الحكومة ستقوم أساسا بتوفير الخدمات في المناطق المحررة”. وقال: “هيتو يملك القدرات الفنية التي تتوقعونها من خبير فني ولديه أيضا حس سياسي وهو مفاوض جيد. وسيكون ممثلا جيدا أمام المجتمع الدولي”.
وقال سليم إدريس رئيس المجلس العسكري الأعلى للمعارضة بعد ان أحاط الائتلاف علما بالوضع العسكري ان قوة نيران قوات الأسد تجعل من المستحيل على الجيش السوري الحر ضمان سلامة الحكومة الجديدة إذا عملت من داخل سوريا لكن يجب على المعارضة أن تقبل المخاطرة.وقال إدريس “شعبنا في المناطق المحررة يعاني تحت بنية تحتية مدمرة وبدون مياه أو كهرباء أو صرف صحي”.
وكان هيتو غادر سورية في ثمانينات القرن العشرين ، وانتقل مؤخرا من مدينة دالاس بولاية تكساس إلى تركيا.
ونقل مساعد مقرب لهيتو عن رئيس الوزراء المؤقت الجديد قوله إنه يعتقد أن المعارضة لا يمكنها إدارة “ثورة” وهي بعيدة عن أراضيها.
وكان قادة المعارضة السورية اتفقوا على تشكيل حكومة انتقالية عندما جرى تأسيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في الدوحة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وفشلت عدة محاولات للمعارضة السورية قبل التوصل لاتفاق على انتخاب رئيس لحكومة مؤقتة.
واعلن رئيس اركان الجيش السوري الحر الذي يشارك في اجتماع اسطنبول في مؤتمر صحافي عقده في اسطنبول دعم قواته للحكومة الموقتة.
وقال: “نحن، في التشكيل العسكري الثوري ندعم تشكيل حكومة تحظى باجماع الائتلاف الوطني وقوى المعارضة السياسية السورية… وسنعمل تحت مظلة هذه الحكومة”.
وسيكون مقر الحكومة الموقتة داخل الاراضي السورية الخارجة عن سيطرة النظام. ويفترض ان يؤمن امنها الجيش الحر الذي يسيطر مع مجموعات اسلامية على اجزاء واسعة في شرق وشمال البلاد وعلى عدد من القرى والبلدات في ريف دمشق. كما يتواجدون في بعض المناطق في ارياف حمص وحماة (وسط) ودرعا (جنوب).
وقال ادريس: “بسلاحه المحدود، يمكن للجيش السوري الحر ان يؤمن الاراضي المحررة ضد كل هجمات الجيش باستثناء الهجمات الجوية والصاروخية”.
وانتقد الدول الغربية لانها لم تف بوعودها في شأن تسليح المعارضة، وقال “نحن على استعداد لان نقدم كافة الضمانات للدول الراغبة بتقديم مساعدات للثورة السورية لضبط حركة السلاح وعدم وقوعه في ايدي الجماعات المتطرفة”.
وتبوأ غسان هيتو خلال حياته التي امضى قسما كبيرا منها في الولايات المتحدة مناصب عالية في شركات عالمية للتكنولوجيا والاتصالات، وهو مسلم متدين يتكلم بلكنة اميركية واضحة.
وقال اعضاء في الائتلاف المعارض ان هيتو هو “رجل التوافق”، مشيرين الى انه يحظى باحترام الاسلاميين في المعارضة، وبقبول من الليبراليين بالنظر الى مساره المهني الناجح في الولايات المتحدة.
حتى العام الماضي، كان هيتو مديرا تنفيذيا لمدة 11 عاما في شركة “اينوفار” الاميركية لتكنولوجيا الاتصالات في تكساس. لكن في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، ترك منصبه فجأة “لينضم الى الثورة السورية”، على حد قوله.
وكان هيتو ناشطا منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية ضد نظام الرئيس بشار الاسد في الولايات المتحدة في المجالين الانساني والسياسي.
وشارك في تأسيس “تحالف سوريا الحرة” في الولايات المتحدة وتولى منصب نائب الرئيس منذ 2011، وهدف التحالف الى “دعم تطلعات الشعب السوري في تحقيق الحرية والعدالة والحريات المدنية واحترام القانون”.
كما شارك في تأسيس “هيئة شام الاغاثية” في الولايات المتحدة في 2011 وتولى منصب نائب الرئيس. وتعمل الهيئة على “دعم الشعب السوري ورفع المعاناة عنه بالاضافة الى تأمين الحاجات الاساسية له”، بحسب ما جاء في الاعلان عنها.
وقال خلال مؤتمر اقيم السنة الماضية من اجل سوريا في الولايات المتحدة “الامل… يأتي من الله. اخوتنا واخواتنا في داخل سوريا ادركوا ذلك منذ زمن”.
واضاف: “ان الله يحبنا ويعنى بنا (…)، سيقدم لنا العون، سيهتم بالشعب السوري. سيقدم له الغذاء وسيدافع عنه. وحده هو يمكنه القيام بذلك، لكن نحن لا بد لنا من التحرك اليوم”.
بعد انضمامه الى “الثورة”، عمل هيتو على تاسيس وادارة “وحدة تنسيق الدعم الاغاثي والانساني في الائتلاف الثوري لقوى المعارضة والثورة السورية” التي تعمل عبر الحدود السورية التركية وتوصل مساعدات الى الداخل السوري.
وقال عضو في الائتلاف رفض الكشف عن اسمه لفرانس برس ان هيتو يملك، بحكم عمله ونشاطه في الولايات المتحدة، علاقات دبلوماسية واسعة، معتبرا ان مثل هذه العلاقات “مهمة للحصول على الدعم المالي الذي تحتاجه سوريا” في هذه المرحلة.
ولد هيتو في دمشق في 1964، وامضى قسما كبيرا من حياته في الولايات المتحدة حيث حصل على اجازتين في الرياضيات والمعلوماتية من جامعة بورديو في انديانا العام 1989، وحصل على ماجستير في ادارة الاعمال العام 1994.
هو عضو مؤسس في جمعية الدعم القانوني للجالية العربية والمسلمة التي تاسست في الولايات المتحدة العام 2001، وتهدف الى الدفاع عن “الحريات الشخصية والمدنية ومكافحة التمييز ضد العرب والمسلمين والآسيويين”.