استهلّ المحامي عمار تباب مدير ملف الاختفاء القسري في الهيئة السورية للعدالة الانتقالية لقائه بالسفراء العرب والأجانب بقوله: “بين السياسة والحرب نسينا الإنسان ولا بدّ أن نعيد للإنسان اعتباره”. وأردف تباب أثناء لقائه بالسفراء وخلال المؤتمر الذي عقده ونورا الأمير نائب رئيس الائتلاف بعد اللقاء “يشير التقرير الذي أصدرته الهيئة وعنونته باسم الصندوق الأسود إلى وجود ما يزيد عن الستين ألف مفقود بحسب التقديرات و ما يقارب 53,522 مختف في سورية على أقل التقديرات، من ضمنهم 6722 شخصا تمَّت تصفيتهم ومنهم 1348 طفلا و 1511 امرأة”. مردفاً بأنه” لم تكن سورية الدولة الأولى التي تعرض مواطنها لجرم الاختفاء القسري ولن تكون الأخيرة، إلا أنها ربما تسجل سابقة يختفي بها مجتمع بأكمله قسراً وهي حالات أكدتها شهادات بمناطق قريبة من وادي الضيف في إدلب على سبيل المثال، حيث تم احتجاز مناطق كاملة من قبل قوات الأسد دون أن يتسنى لذويهم الذين سنحت لهم الفرصة بالفرار أن يعرفوا أي شيء عن مصيرهم وهناك شهادات لدى الهيئة تؤكد ذلك. ومن الأمثلة على حالات الاختفاء القسري الأحد عشر ألف حالة التي أثبتها العالم من خلال الصور المسربة بتقرير سيزر، والتي لا تدع مجالاً للشك بمسؤولية النظام عنها، إلا أن هذا العالم وللأسف قرر السكوت لأسباب سياسية لا تضع اعتبارا للإنسان. وبالمقابل عندما اقتضت هذه الضرورات السياسية مجابهة تنظيم داعش شهدنا تهافتاً من قبل المجتمع الدولي للقضاء عليه، الأمر الذي يدل على ازدواج المعايير التي تغاضت عن المجرم الأساسي والذي كان إجرام داعش امتدادا وانعكاساً لجرائمه التي قرر العالم السكوت عنها”. هذا وأضاف تباب” من المفارقات السياسية المدهشة أيضا، أن النظام والمجتمع الدولي يحاول أن يجد مبررا من خلال حالة اختفاء قسري لبسط نطاق تنفيذ القرار الأممي إلى سورية، وهي حالة الصحفي الأمريكي جيمس فولي الذي تداولت الأخبار قتله من قبل تنظيم داعش الأسبوع الماضي والذي اعتقل في نهاية عام 2012 أي قبل وجود تنظيم الدولة في سورية إطلاقاً . مع أن هذا العالم سكت عن أحد عشر ألف حالة أثبتها بنفسه (تقرير سيزار). ما يدلّ أن في عالمنا أصبح للإنسان جنسية الإنسان هي التي تعطيه قيمته الإنسانية ليحميه العالم، الأمر الذي يضعك أمام معادلة ظالمة تقول أن أحد عشر ألف سوري لا يساوون شخصا أمريكيا واحدا”. وختم رئيس ملف الاختفاء القسري بقوله” ليس هناك تاريخ نجعله ميلاداً لهذه الجريمة في سورية، إلا أننا نطمح إلى اليوم الذي تُسجَّل فيه نهايتها وإلى التاريخ الذي يعود فيه للإنسان اعتباره”. (المصدر: الائتلاف)