السلام عليكم:
أصحاب الجلالة والسمو والمعالي،
اليوم تمر ذكرى 1000 يوم على بداية الثورة السورية، ولو لم يكن اجتماعكم في هذا اليوم، لكنا طلبنا أن تجتمعوا للضرورة القصوى، فحالنا لم تعد خافية على أحد، ومظلومية شعبنا التي يقرها كل ذي عقل وضمير، انتهت بنا إلى مأساة مضاعفة لم تعد تحتمل ولا تطاق.
لن أكرر كلاماً عن المجازر التي صارت الخبز اليومي على نشرات الأخبار، ولا عن شهدائنا الذين أضحوا أرقاماً تجول أسفل الشاشات، ولن أتحدث عن إرهاب النظام الذي تعرفونه وبعضكم اختبره، اليوم سوف أحدثكم عن مأساة مضاعفة كما أسلفت، عن كارثة متناسلة تهدد نسيجنا العربي برمته، وتدق ناقوس الخطر في طول العالم العربي وعرضه، إنها المأساة الملهاة التي لن تبقي ولن تذر،
إن هذا النظام المجرم الذي عجز عن إظهار الثورة كحالة عمالة لإسرائيل، أو عميلة أمريكية مأجورة كما يسوق إعلامه، وبعدما خاب سعيه لتحويلها إلى حالة خليجية مفتعلة بالنفط، وجد ضالته في الجماعات المتطرفة، فأخرج من أخرج من السجون، وسلح من سلح منهم… ونعم أؤكد سلح من سلح والأدلة موجودة.
فأطلق بذلك العنان لخصمٍ يبغضه السوريون والعالم كالنظام وربما أكثر، بعبقرية الإجرام عنده عن ارتزاق طائفي أزكى نار الفتنة، وأعاد النبش في التاريخ لاستحضار أسوأ ما فيه وتوظيفه بأقذر الأساليب،
وبدخول مرتزقة حزب الله بشعار رفعوه في المعركة وفي الإعلام، وجاؤوا يطلبون ثأر سيدنا الحسين ابن سيدنا علي والطاهرة زينب من دماء أطفالنا وأعراضنا وبهذا الشعار الخادع ذبحوا آلاف السوريين، وسبيت مئات الحرائر، فاشتد عصب غلاة المتطرفين في الجهة الأخرى، الذين يغرفون من ذات المعين، وصارت عملية محاصرتهم صعبة بعد ما أصبح استيعابهم مستحيلاً،
فأصبحنا بين داعش وأخواتها وملثميهم ومقنعيهم الذين لا نعرف أسمائهم ووجوههم، وبين حزب الله وتوابعه من ناحية أخرى.
سوريا اليوم بحاجتكم، وانتم بحاجتها واستقرار سوريا وتقدمها ينعكس إيجاباً على دول الخليج العربي الذي نريده أن يبقى عربياً في وجه جميع الطامعين بأرض العرب، ولا نريد أن تتكرر مأساة العراق وهذا ما ينعكس سلبا على العرب جميعا.
نحن مع الحل السياسي ومنذ اليوم الأول للثورة، لكن نظام القتل لم يكن يقبل بأي حلٍ سياسي، فقد دفعه الغباء والغرور على قتل شعبه، وتدمير بلده، واليوم نحن أيضاً مع الحل السياسي، ولكن مع الحل العادل الذي يخرج المجرمين من حياة السوريين إلى الأبد، والمشاركة في “جنيف2” لا تعني بأننا ذاهبون إلى ندوة سياسية مع مجموعة من النظام، بل تعني لنا بوضوح أننا ذاهبون لتخليص بلدنا من الدمار والإجرام والحصول على الدولة السورية، واستقلال القرار الوطني، وهذا يحتاج إلى ميزان قوى في جميع المستويات السياسية والعسكرية والإعلامية.
فنعم لجنيف2 وفق الأسس والمعطيات التي حددناها في رؤية الائتلاف الوطني، والتي حددناها في لقاء لندن الأخير، أي وفق منطوق ومتطلبات “جنيف1” ومتطلباته.
السوريون بحاجة لكم اليوم، للقول بوضوح للعالم كله إنه لا مكان لنظام الأسد في سوريا، إذ ليس من المعقول ولا الأخلاقي أن يبقى المجرمون بأي حل سياسي، ومن دون هذا المطلب ستتحول جنيف2 إلى احتفالات وثرثرات لاتهم السوريين،
وما أردت أن أقوله بكل صراحة، إن سوريا هي اليوم مختبر جديد لمشروع الفتنة والاستتباع، فإن ركنا لهذا المشروع أو ساومنا عليه أو معه فلتتهيأ دولة عربية جديدة وتمد عنقها تحت السكين نفسه،
حسبنا فقط أن يكون لنا مدد من صلب عروبتنا من عزوتنا ومن سند الظهور، ومن ذا الذي نطالبه بهذا خارج هذه القاعة التي تجمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي. المسؤولية كبيرة بحجم المواجهة المفروضة علينا، وقدرنا أن ننتصر معاً لأننا في معركة الوجود لأننا لا نملك خياراً آخر.
ختاماً: الشكر الجزيل لدولة الكويت، وأميرها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، والحكومة الكويتية والشعب الكويتي الشقيق،
وأول الغيث دعم صمود شعبنا، الآن، بصندوق إغاثة يرفع راية مواجهتنا، ويعلي خيار شعبنا، وهذا يكون بإدارة وإشراف الائتلاف الوطني، فأنتم تعلمون حجم المأساة الكبيرة على مستوى اللاجئين والنازحين الذين بلغ عددهم في داخل سوريا وخارجها 7ملايين نازح، وحتى لا نضيع في دهاليز مقفلة، فتذهب ريحنا ونؤخذ فرادى… فنبكي مجدداً بلداً أضعناه، يوم لا ينفع الندم ولا يغسل الدمع النحور التي ستبلغها الدماء،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.