عندما تُرتكب واحدة من أبشع المجازر بحق الشعب السوري بواسطة السلاح الكيماوي المحرم دوليا، وهي مجزرة الغوطتين في 21 آب/ أغسطس 2013؛ التي راح ضحيتها 1400 مدني من النساء والأطفال والشيوخ، إضافة إلى عشرة آلاف مُصاب، ويبقى مرتكب الجريمة مجرم الحرب بشار الأسد طليقا، ويستمر هو ونظامه في ارتكاب سلسلة من الهجمات الكيماوية التي بلغت ما تزيد عن 200 هجوم.. بالتأكيد هذه رسالة خطيرة وخاطئة من المجتمع الدولي إلى نظام الأسد الاستبدادي القمعي، وإلى الشعب السوري الذي وقعت عليه تلك الجريمة؛ بأنه يمكن أن ترتكب عددا لامتناهيا من الجرائم، ويد العدالة لا تطالك!
هذه الرسالة خطيرة لأنها تفسح المجال أمام خطاب التطرف والإرهاب ليتلاعب بعقول الناس، ويقول لهم؛ إن كل شعارات المجتمع الدولي حول العدالة ومحاكمة المجرمين وحقوق الإنسان؛ ما هي إلا هراء ولا قيمة لها على أرض الواقع، والحل هو العنف والفوضى!
هذه الرسالة خطيرة لأنها تفسح المجال أمام خطاب التطرف والإرهاب ليتلاعب بعقول الناس، ويقول لهم؛ إن كل شعارات المجتمع الدولي حول العدالة ومحاكمة المجرمين وحقوق الإنسان؛ ما هي إلا هراء ولا قيمة لها على أرض الواقع، والحل هو العنف والفوضى!
وهذا ما لا نريده أبدا، ونتشارك مع المجتمع الدولي في ضرورة منع انتشار هذا الخطاب الهدام والمدمر. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، هي رسالة خاطئة لكأنما تعطي الضوء الأخضر لمتابعة ارتكاب المزيد من الجرائم والمجازر، وتدفع بسياسة الإفلات من العقاب للمجرمين. ويبقى السؤال المهم الموجه للمجتمع الدولي: أين حقوق الضحايا؟ بلا جواب حتى الآن.
ما تزال الصور المروعة والمؤلمة لضحايا تلك المجزرة وغيرها من المجازر، ماثلة في أذهان السوريين عامة، وأهالي الضحايا خاصة، وجميعنا ننتظر ساعة المحاسبة لتحقيق العدالة الانتقالية.
وبدلا من أن يصدر قرار بجر مجرم الحرب بشار الأسد إلى محاكمة الجنايات الدولية لينال جزاء ما اقترفت يداه من جرائم، فوجئ السوريون بفتح الأبواب له للمشاركة في القمة العربية الأخيرة، مترافقة مع خطوات تطبيع من قبل دول عربية شقيقة! وقد أصيب السوريون بألم وغضب واستياء من عودة النظام إلى الجامعة العربية؛ لأنهم لم يكونوا يتوقعون من الدول العربية الشقيقة على الإطلاق أن يعامل تابع إيران في سوريا بهذا الشكل! بل على العكس، كانوا يأملون في استمرار دور عربي ضاغط يدفع بقطار الحل السياسي المتعثر نحو وجهته الصحيحة، ويحرك عجلته للوصول إلى تطبيق القرارات الدولية الخاصة بالشأن السوري، وخاصة بيان جنيف رقم 1 والقرارين 2254 و2118.
بات من الواضح اليوم بعد مرور فترة كافية على خطوات التطبيع المجانية، أن نظام الأسد غير قادر وغير راغب في تقديم أي شيء لإيجاد الحل السياسي المنشود، وجُل ما يريده من التطبيع العربي، حصوله على أموال طائلة لينهبها تحت عنوان “إعادة الإعمار”.
بات من الواضح اليوم بعد مرور فترة كافية على خطوات التطبيع المجانية، أن نظام الأسد غير قادر وغير راغب في تقديم أي شيء لإيجاد الحل السياسي المنشود، وجُل ما يريده من التطبيع العربي، حصوله على أموال طائلة لينهبها تحت عنوان “إعادة الإعمار”، كما نهب ثروات سوريا على مدار خمسة عقود، وما بقي منها نهّبها للروس والإيرانيين.
المطلوب اليوم من المجتمع الدولي إعادة الأمور إلى نصابها، والعودة إلى المسار الذي يفضي إلى حل سياسي مستدام، بناءً على القرارات الدولية لتحقيق انتقال سياسي، وأن يكون هنالك مسار مواز للعدالة الانتقالية تقود المجرمين إلى محاكمات عادلة، ومن ثم تحقيق عودة طوعية للاجئين في بيئة آمنة ومحايدة.
وهذا لن يتحقق إلا بالضغط على نظام الأسد، والتلويح بإمكانية استخدام البند السابع في القرار 2118؛ الذي يقضي بإمكانية استخدام القوة لتطبيق القرارات الدولية.
ودون ذلك، سيبقى نظام الأسد يتلاعب ويمارس أساليب الخداع وإضاعة الوقت، ويتابع تصديره للكبتاغون، ويستمر في شعاره الذي رفعه منذ بداية الثورة “الأسد أو نحرق البلد”.