يستمع القضاة في كوبلينز الألمانية الى شهود الهولوكوست السوري ويوثقون لأفظع جرائم ضد الإنسانية عبر التاريخ من حيث الإمتداد الزمني والأعداد المتضررة والوسائل الغير مسبوقة في الإجرام..
سبقهم الى ذلك القيصر الذي جاء بما يكفي ويزيد من الوثائق الدامغة، و لكن وكما يبدوا أن شاهد كوبلينز Z-30 لديه المزيد مما هو أفظع إجراماً، يُضاف الى ذلك مجموعة الوثائق التي أعلنت عنها الساندي تايمز “أرشيف الشر” التي يفوق عدد أوراقها على المليون ، هي أيضاً وثّقت لجرائم الأسد و ستأخذ مكانها في كفة ميزان العدالة.
الذين تنبض قلوبهم مع الثورة يتساءلون عن مصير تحقيقات محكمة كوبلينز ، ويطالبون بأن لا تكون مجرد موجة عواطف وتعاطف ، بل لترتقي إلى مستوى ملف يستكمل عناصر الإدانة ويودي بالقاتل المجرم الى محكمة الجنايات الدولية.
المعتقلون السياسيون هم ضحايا حكاية الإستبداد الأسدي التي بدأت ولم تنتهي بعد ، صيدنايا و سجن تدمر وجميع الفروع والمراكز الأمنية هي عناوين لهدر الكرامة البشرية و مسارح لنفس الجريمة.
التعذيب محرّم شرعاً و مجرّم قانوناً …التعذيب بحق المعتقلين السياسيين في كل الدنيا يتم برضى السلطة الحاكمة أو لإرضائها …والذي يقوم بعملية التعذيب هو قطعياً شاذٌ نفسياً… جريمة التعذيب لا تسقط بالتقادم وهي نقيصة أخلاقية … و طالما القضاء جزء من السلطة فلا أمل في الانصاف والعدالة.
ربنا سبحانه وتعالى كرّم الإنسان وسخّر له كل ما في الكون، وزوده بكل مقومات إستمراره على سطح الأرض ، فالجسم البشري يتمتع بقدرات هائلة على المقاومة و التأقلم، و يمتلك القدرة على تجديد خلاياه ولا يستسلم بيولوجياً إلا لقوة قاهرة تتعدى كل مقومات صموده..
ولعلنا نحاول أن نتخيل مجرد خيال بأن يتم ضرب الإنسان الشاب ضرباً يتصاعد في الشدة و يمتد في الزمن حتى الموت… لا يمكن وصف ما يحصل فالسجّان يضرب والضحية يقاوم… وهذه هي المرحلة المؤلمة حساً وروحاً حيث تسمع فيها صوت السجان و صراخ الضحية ، لتليها مرحلة الإنهيار و يبقى صوت الجلاد وشهقات موت الضحية .
في الثورة السورية الإعتقال والتعذيب كانا من وسائل صناعة الخوف ، وخلال الأشهر الأولى للثورة وصلت الأعداد الى حد يدفع بقضية المعتقلين الى الواجهة في جميع اللقاءات السياسية والدبلوماسية التي تتناول الشأن السوري …
النقاط الستة لكوفي عنان في ٢٠١٢ نصت على الإفراج الفوري عن المعتقلين ، بيان جنيف الأول وكذلك لقاء فيينا بين كيري ولافروف أكدا على النقاط الستة و أكدا على ضرورة الافراج عن المعتقلين…وكذلك القرار العتيد والعصي على التنفيذ ٢٢٥٤ الصادر عن مجلس الأمن والحائز على الرِضى الدولي والبالغ من العمر أكثر من خمس سنوات …
هذا القرار العجوز عَجِزَ عن أن يفرد سلة صغيرة من أجل المعتقلين ، وهكذا قضية المعتقلين المفترض أن تكون قضية مستعجلة و فوق تفاوضية ضاعت بين السلال الأربعة .
وكذلك تم تناول قضية الإفراج عن المعتقلين كإحدى إجراءات بناء الثقة كمقدمة لحل سياسي مُرتجى .
حتى اجتماعات أستانا أفردت أحد اجتماعاتها وخصصته من أجل المعتقلين تعسفياً في سجون الإجرام الأسدي .
معالجة قضية المعتقلين والمغيبين هي أساسية في الوصول الى البيئة الآمنة والسلم الأهلي والعدالة الإنتقالية .
في مجلس الأمن تم استخدام الفيتو ١٦ مرة للحيلولة دون إنصاف الشعب السوري واحقاق حقه …
وثائق قيصر ألهبت بعض العواطف وطافت بالصور في أروقة الكونغرس الأميركي وجاءت بالعقوبات الاقتصادية على العصابة الأسدية ولكنها لم تستطع الإفراج عن معتقل واحد. أحداث محكمة كوبلينز تأتي في هذا التوقيت لتُضيّق الخناق حول الرقبة الطويلة لمجرم سوريا وستقضي على أحلامه و أحلام حلفائه بإعادة تدويره .
اللاعبون الأساسيون في الملف السوري و كذلك الاحتياط والكوادر الإدارية و حتى الجمهور مقتنع ومتأكد بأنه لا حلول سياسية ولا إفراج عن المعتقلين في سورية الا بزوال القاتل الأسد.
خلال السنوات المنصرمة من عمر الثورة اجتمع لدينا ما يكفي من الأسباب بل والموجبات بأن نضع المجتمع الدولي ومؤسساته و وجدانه جانباً .
العصابة الأسدية و بدعم من شركائها يستحيل أن تُفرج عن المعتقلين لإدراكها لفداحة ما اقترفت ايديها وان المعتقلين سيشكلون حبل النهاية لكبيرهم القابع في القصر .
وجداننا الثوري يحتّم علينا ذكر معتقلينا ، و إكبارهم و تعظيمهم …هم دفعوا ويدفعون ثمن حرية وطن …
لكي ننعم نحن بالحرية ، هم يضحون بحريتهم وحياتهم .
تجتمع في معتقلينا كل صفات الصفوة من بطولة وشجاعة وإقدام و وطنية .
معتقلينا هم عنوان ثورتنا وجرحها النازف و حالتها الوجدانية .
نحن كقوى ثورية بكل عناويننا الثورية الرسمية والشعبية مدعوين ليكون ملف المعتقلين دليلاً لعملنا اليومي ومرشداً وشرطاً لكل حراكنا الثوري الشعبي والرسمي .