النظام الإيراني يستحوذ على الأصول الاقتصادية السورية
جهاد يازجي
يؤكد التوقيع الذي تم اليوم على عدة اتفاقيات اقتصادية مع طهران الثمن الباهظ الذي تدفعه سورية لقاء الدعم الذي تقدمه إيران للنظام السوري، ومن ضمن هذه العقود استحواذ الشركات الإيرانية على مناجم الفوسفات وميناء بحري بالإضافة إلى حصول الحرس الثوري الإيراني على رخصة لتشغيل الهاتف المحمول في سورية.
خلال زيارة قام بها اليوم رئيس وزراء نظام الأسد عماد خميس ووفد حكومي واسع إلى إيران، تم التوقيع على خمس اتفاقيات اقتصادية رئيسية بين البلدين في حين من المتوقع أن يتم الانتهاء من توقيع اتفاقية سادسة في غضون أسبوعين. تتعلق جميع الاتفاقات بنقل ملكية أصول سورية كبيرة لإيران من دون تعويضات واضحة للدولة السورية.
تتضمن إحدى هذه الاتفاقيات الخمس استحواذ إيران-على أساس التأجير طويل الأمد-على مناجم فوسفات الشرقية وهي مناجم كبيرة تقع بالقرب من مدينة تدمر. علمَ موقع “التقرير السوري” من مصادر في دمشق أن إيران حصلت على عقد إيجار لمدة 99 عاماً للمناجم التي سوف تطورها بالشراكة مع كيانات الدولة السورية.
لدى سورية أحد أكبر احتياطيات الفوسفات في العالم والتي تقدر ب 1.8 مليار طن، ومعظمها يقع في مناجم الشرقية. وفي سنة 2011 أنتجت سورية نحو 3.5 مليون طن من الفوسفات، جاء 2.5 مليون منها من مناجم الشرقية.
من المرجح أن تستفيد إيران من الفوسفات في هذه المناجم لطرحها في أسواقها المحلية وللصادرات بمجرد أن يعيد نظام الأسد السيطرة على مناجم الشرقية التي تقع الآن تحت سيطرة تنظيم الدولة داعش. وفي سنة 2013 صدّرت سورية نحو 400.000 طن من الفوسفات المغسول إلى إيران كجزء من صفقة مقايضة.
ووقِعت اتفاقية ثانية اليوم، حصلت شركة الاتصالات النقالة الإيرانية (MCI) بموجبها على عقد تشغيل شبكة للهاتف المحمول، وشركة MCI هي شركة تابعة لشركة الاتصالات الإيرانية وتحتكر شبكة الهاتف الثابت في إيران، وتدير الشركة مجموعة شركات من بينها شركتا Mobin Trust Consortium و Toseye Eatemad Mobin وهما تتبعان للحرس الثوري الإيراني.
في سنة 2010 كانت شركة Toseye Eatemad من بين ست شركات عالمية تقدمت للحصول على رخصة تشغيل شبكة هاتف نقال ثالثة في سورية، لكن الحكومة السورية حينئذ رفضت عرض الشركة الإيرانية في مؤشر على اختلاف العلاقات بعض الشيء بين طهران ودمشق في ذلك الوقت عمّا هو عليه الوضع الآن.
وبالإضافة إلى الجانب التجاري، هناك بلا شك جانب أمني من استحواذ شركة تابعة للحرس الثوري على شركة اتصالات في سورية، وسيكون لهذه الشركة شريك محلي في سورية وهو محمد حمشو رجل الأعمال القوي الذي يُعتقد أنه يعمل كواجهة لماهر الأسد.
وتشمل الاتفاقيات الثلاث الأخرى استحواذ شركات إيرانية على آلاف الهكتارات من الأراضي السورية على أساس التأجير، وسيتم استخدام نحو 5000 هكتار من هذه الأراضي لتطوير المحاصيل الزراعية، وسيتم استخدام 1000 هكتار إضافية لتربية الأبقار و5،000 هكتار أخرى لتخزين النفطـ، إلا أن موقع هذه الأراضي لم يحدد بعد.
ومن المتوقع أن يتم توقيع اتفاق سادس في غضون ال 15 يوماً القادمة، وسوف يتضمن الاتفاق نقل إدارة أحد الموانئ السورية إلى شركة إيرانيةـ إلا أن الميناء لم يحدد بعد. لدى سورية ثلاثة منافذ تجارية وبحرية، واحدة منها في بانياس ومخصص حصراً لتجارة النفط.
قبل وصول رئيس حكومة الأسد إلى طهران ذكرتْ الصحافة السورية أنه كان متوجهاً الى طهران لتوقيع اتفاق جديد للتسهيلات الائتمانية. ومنذ سنة 2013، وقعت الدولتان ثلاثاً من هذه الاتفاقيات بقيمة اجمالية تقدر بـ 5.6 مليار دولار أمريكي والتي تساعد نظام الأسد في تمويل استيراد السلع والخدمات، وكانت طهران قد اشترطت أن يأتي الجزء الأكبر من هذه الواردات من شركات إيرانية.
إن استحواذ إيران على هذه الأصول المربحة على أساس طويل الأجل يعكس اعتماد النظام على الدعم الاقتصادي والعسكري الذي تقدمه إيران، ولا يُعرف كيف سيكون رد الفعل الشعبي في سورية عندما تتضح تفاصيل هذه الاتفاقات المُهينة، وسيكون من المثير للاهتمام رصد ردود الفعل على وسائل الإعلام الاجتماعية، حيث من المرجح أن يتم التعبير عن القلق وعدم الارتياح تجاه التوقيع على هذه الاتفاقيات، فالحس القومي لا يزال سائداً في البلاد.
إن توقيت التوقيع على هذه الاتفاقيات ليس من قبيل الصدفة حيث أتى ذلك بعد أسابيع قليلة من التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة من تركيا وروسيا وقبل أسبوع من انطلاق المفاوضات التي ستعقد في أستانا بين النظام والمعارضة. ومما لا شك فيه أن إيران تهدف إلى إرسال رسائل إلى جميع الأطراف بأنها ستكون لاعباً رئيسياً في مستقبل سورية في المجالات الاقتصادية والعسكرية والأمنية.
نشر في 17 / 1 / 2017
المصدر: موقع التقرير السوري (ترجمة المكتب الإعلامي للائتلاف الوطني السوري مع تعديل العنوان)