الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية
دائرة الإعلام والاتصال
16 نيسان 2021
بسم الله الرحمن الرحيم
أبناء سورية جميعاً…
أخواتي وإخوتي… الثوار وأحفاد الثوار..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في ذكرى الجلاء أتحدث إليكم..
في هذا العيد الوطني المجيد.. والذكرى العزيزة الغالية على كل مواطن سوري..
تجمعنا هذه المناسبة اليوم.. كمواطنين سوريين… المناسبة التي تضع كل توجهاتنا وأفكارِنا أمام حقيقة وحيدة مفادها أن مصيرنا مشترك في هذا الوطن.. وأن كل اختلافاتنا وتنوعاتنا الثقافية والفكرية والسياسية يجب أن توضعَ في خدمة المبدأ الذي تقوم عليه الدولة: خدمة المواطن وضمان حقوقه.
أذكركم وأذكر نفسي في هذا اليوم، في الذكرى الخامسةِ والسبعين للجلاء.. بضرورة بذل مزيد من الجهد.. والقيام بمزيد من العمل والتعاون… أن نكون أقرب إلى مبادئ ثورتنا.. وأن نعمل على تعزيز مفهوم الوطن وقيم المواطنة…
هذه الذكرى الاستثنائية للجلاء، مناسبة تذكرنا بضرورة إعادة قراءة تاريخ سورية السياسي، وفهم مراحله.. بدءاً بمرحلة الآباء المؤسسين وإعلانهم استقلال سورية عام 1920 خلال المؤتمر السوري العام الأول، مروراً بحقبة الاحتلال والثورة السورية الكبرى ثم تحقق جلاء المستعمر، الذي فتح الباب أمام نضال النخب السياسية والفكرية والثقافية من أجل مواجهة عالمٍ تتصارع فيه المصالح على سورية والمنطقة، وما رافق ذلك من الانقلابات، ثم سنوات الوحدة مع مصر، وفترةِ الانفصال وعودة الحياة البرلمانية والديمقراطية، وصولاً إلى انقلاب البعثِ المشؤوم الذي انهمك في تعطيل حركة التاريخ في سورية، وأنهك شعبها وعكف على نقل البلاد إلى عصر ما قبل الدولة. إننا نعلم اليوم أن الدولة المستقلة ليست تلك التي تتخلصُ من سيطرة قوى الاحتلال والهيمنة الخارجية فحسب، بل تلك التي يعيش فيها المواطن حراً كريماً عزيزاً، متمتعاً بخيراتها ومساهماً في إعمارها وبنائها، بما توفرهُ من عدالةٍ ومساواةٍ ومن فرص للعمل والإبداع.
طِوال نصف قرن، هاجم نظام الاستبداد أبناء سورية جميعاً، واستهدفهم عبر تدمير مؤسسات الدولة وتفتيت المجتمع، ووضعَ مكونات هذا الشعب في مواجهة بعضهم البعض.
واجبنا مع مرور 75 عاماً على الاستقلال أن نعمل معاً من أجل تفكيك هذا النظام ونتعاونَ على إعادة بناء الوعي السوري المدني، الوعي الذي يرفض المنطقَ الطائفي التفتيتي… منطق ما قبل المواطنة… وأن نعمل من أجل دولة تجمع السوريين جميعاً، وتضمن لهم الحرية والكرامة.
إن المشهد السوري الراهن مشهدٌ مؤسف، يقف على النقيض من أحلام وتطلعات جيل الجلاء.. فالاستقلال لا يكتمل ما لم يتم ضمان الحرية والعدالة والحكم الرشيد كبوابة حتمية نحو التنمية والاقتصاد الناجح.
في ذكرى الجلاء الخامسة والسبعين… لا يزال السوريون يرفعون علم الاستقلال علماً للثورة وللحرية وللكرامة.. رايةً للتخلص من الاستعمار الخارجي ومن الاحتلال والاستبداد الداخلي، ودليلاً على أن هذه الثورة هي استمرارٌ لمشروع التحرر الوطني الذي أطلقه أجدادُنا من أجل حرية الوطن كل الوطن.
اليوم.. وبعد سجل طويل من الاستبداد والقمع والقتل والإرهاب… وقائمة لا تنتهي من الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد بحق الشعب السوري، النظام الذي خطف سورية من أهلها طوال عقود، والذي تصدّر مسؤولية جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وفضائح التعذيب والقتل في السجون والمعتقلات، بالإضافة إلى ملفات بملايين الوثائق التي تجرم رأس النظام.. بعد كل ذلك.. يخرج علينا من يعيد فتح سفارته لدى النظام.. ومن يقررُ إرسال سفير له إلى النظام ليصافح يده الملطخة بالدماء… وآخر يتجرأ على المطالبةِ بتسليم مقعد سورية في الجامعة العربية لهذه العصابة، وكأنما هي محاولةٌ لتوريط جميع العرب بدماء الشعب السوري، وتجعلهم شركاء لهذا النظام في الجريمة وتحولهم إلى أصدقاء للمجرم، وتجعل من قتل شعب عربي وتهجيره فعلاً مقبولاً في الوعي العربي، ومشروعاً يلقى الترحيب والتقدير في المؤسسة العربية الرسمية.
نحن على ثقة بأن مثل هذه الخطوات ستظل مبتورة وأن كل من يمد يده للنظام سيدرك سريعاً مخاطر تصنيفه إلى جانبه والغرق في مستنقعه.
اليوم وأمام الواقع الكارثي الذي جره النظام على الشعب السوري، فإن الدور العربي المطلوب هو الدور المنسجم مع تطلعات الشعب السوري بالدرجة الأولى، وهو الدور الذي يدعم ويكافح ويناضل من أجل تطبيق قرارات مجلس الأمن ويعمل من أجل ضمان محاسبة المجرمين ودعم الشعب السوري لإعادة بناء وطنه من جديد، واستكمال استقلاله.
اليوم، وإضافة إلى ملايين النازحين والمهجرين، فإن الملايين من أبناء سورية عالقون تحت سلطة النظام في المناطق التي لا يزال يحتلها من سورية، ويواجهون مصاعب رهيبة، خاصة في شهر رمضان المبارك، حيث يعيش السوريون ما ترونه وما تعرفونه من صعوبات في تأمين أبسط المستلزمات.
مع بدء شهر رمضان تبادل السوريون التهاني، فيما الحزن يملأ قلوبهم، والقهر يعلوا وجوههم، والمعاناة سحورهم وفطورهم… هذا الحريق الذي أشعله النظام في بلدنا حوّلها إلى دولة مدمّرة وبيئة معادية للإنسان وطاردة للشباب ومرتع للجريمة والفساد والسرقة.
مؤخراً عبّر عدد من شباب الساحل عن رفضهم للظلموقرروا بكل شجاعة أن يختاروا مستقبلاً مختلفاً عما يفرضه عليهم النظام، وتحركوا نحو المناطق المحررة بعيداً عن مشروع النظام الرامي إلى حرق البلد.
وفي ظل هذه الكوارث وإضافة إلى الكارثة الصحية المرتبطة بجائحة كورونا، يترك النظام كل ذلك استعداداً لإعادة عرض وتمثيل مسرحية هزيلة وبائسة يطلق عليها اسم “انتخابات”… في كل التقارير يتربع النظام في قعر التصنيف، متفوقاً على أعتى الدكتاتوريات في العالم بما فيها “كوريا الشمالية”. حصل نظام الأسد على نقطة واحدة من 100 نقطة على مقياس الحرية.
هل يمكن الحديث بعد ذلك عن انتخابات!!
وأنا أقول لكم… لم تجرى في سورية عملية انتخابية حقيقية واحدة منذ عام 1963.
وما يخطط النظام لإجرائه في سورية لا يزيد عن كونه مسرحية بائسة سيئة الإخراج، وفوق كل ذلك تتم في ظل أوضاع كارثية ومأساوية، يعمد النظام إلى ترسيخها لمحاصرة الشعب وتوظيف معاناته لابتزاز العالم.
لكننا اليوم في هذه المناسبة علينا استعادة المبادرة، والتأكيد بأننا باقون ومستمرون..
ثورتنا مستمرة نحو الاستقلال والتخلص من الاستبداد.
تحية لأبطال الاستقلال وأبطال الثورة.
والمجد لشهدائنا، والحرية لمعتقلينا، والشفاء لجرحانا.
عاشت سورية، وعاش شعبها حراً عزيزاً مستقلاً،
صياماً مقبولاً، وعملاً متقبلاً، ونصراً قريبأً بإذن الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.