أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرا عن مراكز الاحتجاز السرية أوضحت فيه أن عدد المحتجزين تجاوز 215 ألفاً، وإن مصير عشرات الآلاف منهم مازال مجهولاً. وقالت الشبكة إن التوسع في عمليات الاحتجاز والاعتقال والخطف من قبل قوات الأسد والمليشيات المتحالفة معها دفع بالسلطات منذ بداية عام 2012 إلى تحويل المدارس والملاعب الرياضية وبعض الأبنية لمراكز احتجاز سرية، وفي وقت لاحق تم تحويل مساحات شاسعة من الأراضي إلى معسكرات احتجاز على غرار المعسكرات النازية والستالينية، حسب التقرير الذي اعتبر أيضا أنّ معسكر دير شميل في حماة أكبر مراكز الاحتجاز التي يعتقل نظام الأسد فيها المدنيين بسورية. وأكدت الشبكة -التي يقع مقرها في لندن- أن عدد المحتجزين تجاوز 215 ألفاً، وأنه تم تسجيل قرابة 110 آلاف منهم في قوائم متاحة للبحث على شبكة الإنترنت. وأضافت أن مليشيات محلية مثل ما يسمى بجيش الدفاع الوطني، تسيطر على مراكز الاحتجاز السرية، حيث تسهل سلطات النظام لما وصفها التقرير بالمليشيات، أعمالها مقابل الحصول على خدمات في عمليات الاقتحام والقتال وترهيب الأهالي في المناطق المنتفضة ضد الأسد. ووثق التقرير مقتل نحو 2500 شخص في المعسكر، بينهم قرابة 250 طفلاً و400 امرأة، خلال ثلاثة أشهر فقط، مشيرا إلى أن سكان المناطق المجاورة كثيرا ما يعثرون على جثث ملقاة على قارعة الطريق وعليها آثار تعذيب وتشويه. وأورد التقرير شهادات لمعتقلين سابقين تتضمن تفاصيل عن عمليات التعذيب التي تعرضوا لها، مثل الضرب المبرح والتعليق من الأطراف بسلاسل مربوطة بالسقف والحرمان من العلاج حتى الموت، فضلا عن ابتزاز أهالي المعتقلين بمبالغ مالية ضخمة مقابل الإفراج عنهم. وجاء في روايات الناجين أن الهدف الرئيس من إنشاء هذا النوع من المعتقلات هو تطبيق عمليات التعذيب “الوحشي” بشكل يفوق بكثير مقرات الأفرع الأمنية و”على خلفيات دينية”، إضافة إلى جمع المبالغ الضخمة كفدية من الأهالي، وأضافوا أن فرص الموت في هذه المعتقلات أكبر من فرص النجاة، حيث لم يعثر فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان خلال سنوات من البحث سوى على ناجٍ واحد فقط من معسكر دير شميل. في ذات السياق كانت الهيئة السورية للعدالة الانتقالية قد أصدرت تقريراً بعنوان الصندوق الأسود، أكد فيه المحامي عمار تباب مدير ملف الاختفاء القسري في الهيئة السورية للعدالة الانتقالية والذي أعد التقرير، على” وجود ما يزيد عن الستين ألف مفقود بحسب التقديرات وما يقارب 53,522 مختف في سورية على أقل التقديرات، من ضمنهم 6722 شخصا تمَّت تصفيتهم ومنهم 1348 طفلا و 1511 امرأة”. مردفاً بأنه” لم تكن سورية الدولة الأولى التي تعرض مواطنها لجرم الاختفاء القسري ولن تكون الأخيرة، إلا أنها ربما تسجل سابقة يختفي بها مجتمع بأكمله قسراً وهي حالات أكدتها شهادات بمناطق قريبة من وادي الضيف في إدلب على سبيل المثال، حيث تم احتجاز مناطق كاملة من قبل قوات الأسد دون أن يتسنى لذويهم الذين سنحت لهم الفرصة بالفرار أن يعرفوا أي شيء عن مصيرهم وهناك شهادات لدى الهيئة تؤكد ذلك. ومن الأمثلة على حالات الاختفاء القسري الأحد عشر ألف حالة التي أثبتها العالم من خلال الصور المسربة بتقرير سيزر، والتي لا تدع مجالاً للشك بمسؤولية النظام عنها، إلا أن هذا العالم وللأسف قرر السكوت لأسباب سياسية لا تضع اعتبارا للإنسان. وبالمقابل عندما اقتضت هذه الضرورات السياسية مجابهة تنظيم داعش شهدنا تهافتاً من قبل المجتمع الدولي للقضاء عليه، الأمر الذي يدل على ازدواج المعايير التي تغاضت عن المجرم الأساسي والذي كان إجرام داعش امتدادا وانعكاساً لجرائمه التي قرر العالم السكوت عنها”. هذا وأضاف تباب” من المفارقات السياسية المدهشة أيضا، أن النظام والمجتمع الدولي يحاول أن يجد مبررا من خلال حالة اختفاء قسري لبسط نطاق تنفيذ القرار الأممي إلى سورية، وهي حالة الصحفي الأمريكي جيمس فولي الذي تداولت الأخبار قتله من قبل تنظيم داعش والذي اعتقل في نهاية عام 2012 أي قبل وجود تنظيم الدولة في سورية إصلاً، فمع أن هذا العالم سكت عن أحد عشر ألف حالة أثبتها بنفسه (تقرير سيزار). ما يدلّ أن في عالمنا، أصبح يقيم الإنسان بناء على الجنسية التي يتمتع بها، الأمر الذي يضعك أمام معادلة ظالمة تقول أن أحد عشر ألف سوري لا يساوون شخصا أمريكيا واحدا”. وختم رئيس ملف الاختفاء القسري بقوله” ليس هناك تاريخ نجعله ميلاداً لهذه الجريمة في سورية، إلا أننا نطمح إلى اليوم الذي تُسجَّل فيه نهايتها وإلى التاريخ الذي يعود فيه للإنسان اعتباره”. المصدر: الائتلاف+ الجزيرة