تمكنت دعاء الزامل من إنقاذ طفلة رضيعة من الغرق بعد أن سبحت بها ثلاثة أيام، بعد أن انطلقت دعاء برفقة خطيبها على متن قارب مهاجرين من مصر إلى أوروبا، حيث وجدتها سفينة يونانية وحملتها إلى جزيرة كريت، وقالت دعاء: ” كنا ذاهبين أنا وخطيبي للزواج في إيطاليا، من ثم العيش في أوروبا“، وتابعت ذات الـ19 ربيعا أنها وعائلتها فروا من مدينة درعا التي مزقتها براميل بشار الأسد، وقضوا عامين ونصف العام في مخيم للاجئين في مصر، والذي لم يختلف حاله عن “مخيمات النسيان” في بقية دول الجوار، حيث يعيش نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري. وفي اليوم الرابع من الإبحار تقول دعاء: “بين الساعة 12 و2 ظهرا التقينا بسفينة صيد أخرى، طلب منا سائقوها أن نتوقف، رموا علينا قطعا من الخشب والمعدن، وبدؤوا بشتم قبطاننا، وبعد رفض قاربنا التوقف، باشروا بالاصطدام بنا، وانتظروا حتى تأكدوا من غرقنا وغادروا“. غرقت السفينة في دقائق وكانت تحمل 500 شخصا. كان معظم الركاب في الطوابق السفلى. وتقول دعاء: “بعض الناس تمسكوا بالحبال المتدلية من سواري السفينة حتى ينقذوا أنفسهم. بعضهم تمزقوا إلى أشلاء بسبب مروحة المحرك تحت القارب عندما سقطوا في الماء، والمعظم غرقوا. كنا من السودان، أفريقيا، مصر، سورية، والبعض فلسطينيين من غزة“. وجدت دعاء نفسها في الماء مع 100 أو نحو ذلك من الناجين، المصدومين والمذهولين من السلوك الإجرامي الغريب الذي شهدوه لتوهم. وتمسكت دعاء بطوق نجاة وأخذت تبحث عن خطيبها بين الناجين حولها. ثم أدركت أنه لا بد أن يكون قد غرق مع القارب. لثلاثة أيام، عام الناجون في البحر الأبيض المتوسط بلا طعام أو ماء للشرب. كانوا تحت رحمة الرياح والتيارات البحرية –وشرعوا في الموت تدريجياً. وتقول دعاء: “بعض الناس ماتوا من الإجهاد، وآخرون أرادوا ذلك أن يحدث. كان هناك رجل خلع سترة نجاته بنفسه وغرق. البعض غرقوا من الخوف، والبعض من البرد. كان الطقس قاسياً. كان غائماً وبارداً جداً“. أخذ الناس يطلبون من دعاء أن تعتني بأولادهم. سلم رجل حفيدته البالغة من العمر سنة واحدة فقط لدعاء، فوضعتها في طوق نجاتها. وتضيف دعاء: “ثم جاءت أم مع طفلتها البالغة من العمر ثمانية عشر شهراً وابنها البالغ من العمر ست سنوات، وطلبت مني أن أعتني بالرضيعة، فاحتفظت بها في طوق نجاتي أيضاً. ثم بعد ذلك شاهدت الجد والمرأة وابنها وهم يموتون“. قالت دعاء إن هدف إنقاذ الرضيعين زاد من تصميمها على النجاة. ثم أنقذتها سفينة ترفع علم ليبريا في بقعة تقع على بعد نحو 90 ميلاً بحرياً إلى الجنوب الغربي من جزيرة كريت يوم 13 أيلول (ديسمبر). وأضافت: “ماتت الطفلة ذات السنة الواحدة من العمر تماماً عندما كانوا على وشك التقاطنا” وأخذونا إلى خانيا. أما الطفلة الأخرى فتم إنقاذها وتعافت. وقد منحت أكاديمية أثينا مساء الجمعة جائزة لدعاء الزامل تقديرا “للبطولة والمثابرة” اللتين أبدتهما حين ظلت تحمل بين ذراعيها طفلة تبلغ من العمر 17 شهرا على مدى ثلاثة أيام في البحر، وقال ديمتريس نيكولاكاكيس، المسؤول الرفيع في دائرة الصحة والرعاية الاجتماعية العامة في خانيا: “إن الذي فعلته دعاء –قمع غريزة الحفاظ على الذات ومحاولة إنقاذ طفلين رضيعين– هو أمر مذهل“. وقال لورينس جوليس، الممثل الإقليمي للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في جنوب أوروبا: “ثلاثة آلاف شخص غرقوا حتى الآن في مياه البحر الأبيض المتوسط. ومن المدهش جداً أن مثل هذه الخسائر المأسوية في الأرواح تجري على أعتاب أوروبا“. وقال جوليس من مفوضية شؤون اللاجئين أن محنة دعاء وعدد الأشخاص الذين غرقوا شكلاً مؤشراً على ضرورة بذل مزيد من الجهود لحل مشكلة الناس الذين يغامرون بأرواحهم من أجل الوصول إلى أوروبا. ويضيف: “ثمة حاجة ماسة إلى رد فعل أوروبي مشترك، قائم على التعاون بين الدول وبدعم من الاتحاد الأوروبي“. المصدر: الائتلاف + الجزيرة