” الجزيرة والفرات” والتحديات ..

لأنها المنطقة الحيوية، الاستراتيجية المتشابهة في بنيتها وتاريخها يطلق عليها منطقة الجزيرة والفرات، والمقصود بها المحافظات الثلاث : “دير الزور والرقة والحسكة” ..

ـ بعيداً عن أهميتها كخزان الثروات الطبيعية : الزراعية والنفطية وغيرهما، وعن دورها التاريخي في المسار النضالي لسورية بما اشتهرت به من وطنية، ومواجهات مع مراحل الاستعمار، وفي بناء دولة سورية المستقلة وما تلا ذلك، وما عرفته من تهميش عام خلال عقود نظام الاستبداد والفئوية والفساد، ولأن الحسكة بالذات تمثل سورية الغنية بمكوناتها القومية ـ الإثنية والدينية، وما عرفه الأخوة الكرد من مظالم تضاف إلى الجو العام الذي ساد على مرّ العقود، ثم دخول سورية جميعها، خاصة المناطق الثائرة في جوف المحرقة وحرب الإبادة والتدمير والتهجير…

ـ فمنطقة الجزيرة والفرات عرفت أنواعاً مركّبة من الغزوات والاحتلالات، وتعرّضت بعض محافظاتها، خاصة في الرقة وأجزاء كبيرة من الدير، وبعض مناطق الحسكة إلى التدمير الشامل وعمليات القتل والتغيير الديمغرافي والهجرة شبه الجماعية لمعظم السكان..

ـ كان النظام هو السؤول الأول عن عمليات التدمير والقتل الجماعي، ثم جاءت “داعش” المتواطئة مع قوى النظام وإيران، ومع جهات خارجية متعددة، الغازي الهمجي الرهيب الذي أكمل المهمة بطرق فظيعة تعمّق الجراح، وتمارس أفظع أنواع القتل والتمثيل بالجثث، وفرض منظومة غرائبية من القوانين والأنظمة، وعمليات التصفية، والاغتصاب، و”السبي” وجميع الموبقات، وبما دعا عشرات آلاف المواطنين للمغادرة بحثاً عن أي مكان آمن، وفي ظروف غاية في السوء .

ـ بعد زمن طرحت أمريكا مشروع “التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب”، وتواصلت حينها مع الائتلاف طالبة منه المشاركة، وجرى نقاش طويل . فالثورة السورية كانت أكبر المتضرريين من المنظمات الإرهابية، وداعش وأخواتها وأبناء عمومتها أكثر من وجّه ضربات مؤلمة لفصائل الجيش الحر، وطاردوا وجوده في جميع الأماكن، وقاموا بتصفية عدد كبير من الضباط والمقاومين، وهو ما جرى التأكيد عليه في ذلك الحوار، لكن، وبالإضافة إليه هناك أطراف إرهابية أخرى فتّاكة يجب محاربتها، وهي النظام والمليشيات الطائفية التي استقدمها، ويجب على التحالف أن يواجهها مجتمعة .

ـ رفضت أمريكا الطلب، وقامت بالتواصل مع (البي وي دي) واعتماده، وهي تعرف أنه تنظيم تابع للبيككي المصنف عندها على أنه إرهابي، وأن علاقاته بالنظام مستمرة، لكنها حاولت الاستفادة من علاقته بالمسألة الكردية وتوظيفها ـ بطريقة ما ـ في تحالفها معه .

ـ بفعل الدعم العسكري واللوجستي الكبيرين تحول (البيدا) خلال زمن قصير إلى قوة كبيرة منظمة، وعبر القصف الجهنمي لقوات التحالف للمدن السورية، خاصة مدينة الرقة ومناطقها، وأجزاء كبيرة من دير الزور وأريافها كانت (للبيدا) مساهمات واضحة على الأرض، وإنشاء ما يعرف ب”قسد”، اي قوات سورية الديمقراطية التي يشارك بها بعض العرب . وكانت الأجوبة الأمريكية في علاقتهم تلك تثير السخرية حيث ظلّوا يكررون مقولتهم بأن علاقتهم عسكرية فقط ولا توجد هناك أية علاقة سياسية، وناقشناهم أكثر من مرة عن هذه المقولة التي لا تستقيم، حيث أن الدعم العسكري لأي جهة سيؤدي إلى تقويتها سياسياً وهو ما حدث فعلاً، ناهيك على أن العلاقة لم تكن عسكرية وحسب، وها هي الإدارة الأمريكية تمارس الفعل السياسي من زمن مع (البيدا) وترعى حواراً بينه وبين المجلس الوطني الكردي، وتسوقه وعدد من الدول الغربية في محافل مختلفة

     >>>

ـ ” قسد” وبفعل ذلك الدعم العسكري، وبعد طرد الوجود الداعشي وضعت يدها على كامل منطقة الجزيرة والفرات (سوى المناطق التي يسيطر عليها النظام، ومنطقة شمال غرب سورية) كسلطة أمر واقع غير شرعية، وغير قانونية، لكنها تمارس كافة الموبقات، ومنها التصفيات والتدمير والاعتقالات والتغيير الديمغرافي، والتجاوزات بكل أنواعها الإرهابية، وفوق ذلك تعمل على فرض منظومتها المستوردة من (البيككي) الفكرية والسياسية، ومن النظام، إن كان ذلك في تغيير المناهج وفرض مناهج غريبة على أهالي المنطقة، بمن فيهم الكرد الذين رفضوها بأغلبيتهم، أو إصدار قانون 7 لملكية الغائب المتشابه تماماً مع المرسوم 10 الذي أصدره النظام حول ملكية الغائب الذي يجيز له السطو على أملاك الغائبين ، ثم تراجعت عنه، وعديد القوانين والإجراءات في التجنيد الإجباري، وفرض الضرائب، وغيره كثير ..

        >>>

ـ الجزيرة والفرات بثقلها الرئيس العربي في دير الزور ومعظم أنحاء الرقة، وبالمكوّنات الأخرى من عرب وكرد وآثوريين وتركمان ترفض سلطة الأمر الواقع وعبّرت عن ذلك بأشكال كثيرة من الاحتجاج والانتفاض، لكنها بالوقت نفسه تحتاج إلى توحيد عنوانها ضمن هيئة توافقية يتمّ اختيارها من قبل أهالي المنطقة ..

ـ من هنا تعمل ” لجنة الجزيرة والفرات” المشكّلة من الائتلاف على تقديم المساعدة لأهالي المنطقة لتيسير وتسهيل الوصول إلى تلك الصيغ عبر لقاءات تشاورية جرت مع عدد من شخصيات وفعاليات محافظات دير الزور والحسكة والرقة وفق معايير جرى الاتفاق عليها بأن تكون من المقبولين لدى الأكثرية، وممن يمارسون دوراً نشيطاً في الثورة ويلتزمون بأهدافها وثوابتها، وسيختار هؤلاء عدداً أكبر يمكن أن يكون اسمه اللقاء التشاوري الأوسع لكل محافظة تختار من بين الحضور لجنة و هيئة يتفقون عليها لتمثيل المحافظة، على طريق لقاء تلك الهيئات الثلاث واختيار عدد محدد من قبلهم لتكوين الهيئة العامة( أو أي اسم يجري الاتفاق عليه) للجزيرة والفرات كخطوة اساس، وأولى على طريق وضع برنامج عملي للخطوات اللاحقة، بما في ذلك التواصل مع الجهات الإقليمية والدولية وبدء حوار معها حول مصير ومستقبل تلك المنطقة الحيوية كجزء رئيس من سورية الموحدة سياسياً وجغرافياً واجتماعياً، وقطع الطريق على أية موضعات كانتونية، او نزعات انفصالية .

ـ أمام أبناء الجزيرة والفرات تحديات كبيرة، لكن بتوافقهم، وقبولهم لبعضهم، وبإرادتهم الوطنية سيتمكنون من الدخول إلى المعادلة الخاصة بالمنطقة، وبسورية كلها، طرفاً رئيساً يفتح الأبواب لإخراج كافة القوات الأجنبية من المنطقة، وإدارتها من قبل أبنائها ..

المصدر: سيريا برس

المصدر: سيريا برس

مشاركة
غرد
إرسال
بريد

أحدث المقالات

مقالات أخرى للكاتب عقاب يحيى
مقالات أخرى من سيريا برس

البيانات الصحفية

أخر الأخبار

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist