لا شيء يكشف عن معادن الشعوب سوى التحديات والمصاعب، هذا ما دوّنه السوريون في أسفار الحياة وهذا ما سيبرهنونه في صفحات المستقبل. وكما أن لكل أمة محطات تمر بها، ومخاضات تعيشها ومعارك فاصلة تخوضها فإن للسوريين لحظات مفصلية مروا بها ويمرون.
وكان اليوم السابع عشر من شهر نيسان من عام 1946 للميلاد أحد تلك المفاصل التي أنجزنا فيها خلاصنا من الاستعمار الفرنسي، وهي ذكرى عزيزة على قلب كل سوري، أعادت لترابنا حريته وولدت على إثرها سورية الحديثة.
لكن مخاضاً آخر كان في انتظارنا، إنه الاستقلال من ربقة الاستبداد الذي استغل ظروفاً اجتماعية وسياسية ودولية ليستحكم في مفاصل البلاد ويغرقها في حكم شمولي طاغوتي كان لزاماً على الشعب السوريمن أن ينهض مجدداً ليتخلص منه.
لقد اكتشفنا خلال خمسة وعشرين شهراً من النضال حقيقتنا كسوريين، لقد وجدنا ذلك المعدن الثمين في عزة المرأة وبطولة الرجل، وجدناه في الثائر والمقاتل والسياسي والمثقف وفي الجندي المجهول، وجدناه في الغاية النهائية التي تجمعنا: الحرية والعدالة والكرامة لكل مواطن سوري، وهي ذات الأهداف التي أطلق سلطان باشا الأطرش من أجلها الثورة السورية الكبرى عام 1925.
ورغم أننا نمر بأوقات عصيبة، إلا أن خيارنا الوحيد سيبقى دائماً التشبث بالحق الذي خرجنا باسمه ومن أجله، وسيكون أصدق وفاء وأثمن عرفان نتقدم به كسوريين إلى شهداء الاستقلال وشهداء الحرية، أن نصبر ونصابر ونعمل حتى نحقق ما بذلوا أرواحهم الغالية في سبيله.
تحية لأبطال الاستقلال الأول في ذكراه السابعة والستين،
وتحية لأبطال ثورة الكرامة والحرية وهي تخوض عامها الثالث،
الرحمة لشهداء سورية في الماضي والحاضر والمستقبل،
عاشت سورية وعاش شعبها حراً عزيزاً.