أسس أكاديميون ومثقفون في الغوطة الشرقية مركزا لتنمية وتطوير المجتمع ورفع ثقافته أطلقوا عليه اسم “مركز التنمية للإدارة والتطوير”، متخذين من مدينة دوما مركزا له بهدف رفع مستوى الكفاءة والمهارة في المجتمع لتطوير أدائه السياسي والثقافي في المستقبل. وكان الواقع البيئي والتنموي الذي عاشته سورية خلال عقود حكم حافظ وبشار الأسد، والذي ازداد اضمحلالا حالياً جراء الحصار، هو ما دفع عددا من الأكاديميين والمثقفين للبحث عن طريقة لإنعاش البيئة الثقافية للمجتمع السوري، فكان “مركز التنمية للإدارة والتطوير” في الغوطة الشرقية. ويؤكد مدير المركز محمد خير النعال حاجة المجتمع إلى الخروج من واقع التخلف والجهل والإنغلاق الذي كان يسيطر على المجتمع السوري في فترة حكم نظام الأسد، ولهذا السبب -يتابع النعال- كان لازما افتتاح المركز الذي يسعى لتنمية المجتمع السوري وتطوير بيئته الثقافية لإدارة نفسه في المستقبل. أما أبرز أهداف المركز الأساسية فتتمثل في رفع مستوى الكفاءة والمهارة في المجتمع لتطوير أدائه السياسي والثقافي في المستقبل، حسبما أفاد به النعال. ويضيف أن المركز يضم عدة أقسام، أولها منتدى “أولي الألباب”، حيث أقام هذا المنتدى أكثر من 17 جلسة حوارية جمع فيها المسؤولين والخبراء مع عامة الشعب لطرح القضايا والمشكلات والتحديات التي تواجه المجتمع ومناقشتها وطرح حلول مناسبة لها، حيث كانت أبرز تلك القضايا إدارة المناطق المحررة والتفكير في هيئة نظام الحكم والواقع العسكري والطبي والتعليمي والإعلامي في الغوطة ومبادئ الديمقراطية والحرية. ويتابع النعال أن المركز يساهم أيضا في مشاريع أخرى كإجراء دراسات لمشاريع إنتاجية تهدف إلى مقاومة الحصار وتقديم استشارات لمؤسسات عسكرية ومدنية، وتقديم الدعم الفكري لإقامة نقابات ورابطات تضم الأكاديميين. كما ينفي تبعية هذا المركز لأي فصيل مسلح، أو ارتباطه بأي جهة داخلية أو خارجية عسكرية كانت أم مدنية، ويؤكد أنه مستقل عن أي نوع من أنواع الدعم المالي موضحا أن دعم المركز ذاتي. بدوره أوضح عضو مجلس إدارة مركز التنمية أبو عبد الله الشامي أن “المركز شرع في تنفيذ مشاريع أخرى ولكن لم يستطع إتمامها بسبب نقص المال والمعدات، مثل إطلاق مجلات وجرائد تنموية في الغوطة وإيجاد قسم للدراسات والأبحاث وإنشاء ناد ثقافي للشباب”. ويشير إلى أن تحديات كبيرة تواجه المركز، وخاصة الدعم المالي، حيث انتقد داعمي الثورة الذين يوجهون معظم مساعدتهم للمجالات الإغاثية والطبية والعسكرية ولا يُعيرون اهتماما بهذا النوع من المراكز “المهمة”. وتفاوتت ردود أفعال سكان الغوطة المحاصرة بشأن المركز، فالبعض أبدى تفاؤله بهذه الأفكار بينما تحفظ آخرون. وعبر سامي أبو عاصم العامل في مجال التصميم الإلكتروني عن فرحته “لاحتواء الغوطة المحررة على هذه النشاطات”، واصفا المركز بالمشروع الثقافي النادر الذي تفتقده الثورة. لكن عدنان -وهو عنصر في إحدى فصائل الجيش السوري الحر- رأى أنه من غير المناسب الحديث عن مثل هذا المشروع وطائرات النظام تتخذ من سماء الغوطة ملعبا لها وتصب وابل صواريخها على السكان. وختم عدنان بالقول إنه “يجب تسخير جميع الطاقات للمواجهة العسكرية بدلا من هذا الكلام الفارغ”. )المصدر: الجزيرة)