فتح عضو الائتلاف الوطني السوري محمد زكريا السقال عينيه في قرية نوى بدرعا جنوب سورية، وعاش خلال شبابه في مخيم اليرموك بدمشق وبعدها في برج البراجنة بيروت حيث حوصر هناك، وبعد دخول جيش الأسد للبنان، هاجر إلى ألمانيا حيث اكتسب معارف جديدة عمل بها بمجال التبادل الثقافي وسلط الضوء على إجرام نظام الأسد الذي ينهش وطننا. يجد السقال أن نظام الأسد غير قابل للحل السياسي ولا للإصلاح، وهو طاغية من عائلة مجرم لا يزول إلا بالإسقاط، وكان للمكتب الإعلامي للائتلاف معه هذا اللقاء:
حبذا لو تعطي القارئ فكرة عن نفسك.
فتحت عيني في قرية نوى بجنوب سورية، وأنا أتحدر من أم تنتمي لعائلة الشرع وهي عائلة مميزة بالمحافظة والتدين، ومن أب دمشقي ينتمي لحي عريق بدمشق هو الميدان. إلا ان المحطة المهمة التي لعبت دوراً في حياتي هي انتقالي عام 1958 من القرية الوادعة إلى دمشق حيث سكنت بمخيم اليرموك حيث شربت ماء أول وأهم قضية عادلة هي قضية فلسطين التي كانت البوصلة في اتجاه النضال، وبداية للمضي بطريق وعر وقاس ومليء بالمخاطر حيث شهدت الهزيمة التي سببتها أنظمة الطغيان والقمع والفساد عام 1967.
ما هي أهم محطات رحلتك النضالية قبل الثورة وبعدها؟
بعد هزيمة المقاومة الفلسطينية في عمان 1970، والحرب المسرحية التي خاضتها أنظمة الهزيمة عام 1973، ابتدأ جدل الوعي يدور حول البحث عن الخلاص من هذه الأنظمة من أجل استكمال مسيرة الأهداف والمسائل المطروحة على واقع المواطن العربي. وكان الجدل الذي ساهم به مجموعة من الكوادر والمثقفين، والذي تمخض عن تجربة يسارية أخذت على عاتقها فتح باب الجدل والنضال حول مسائل وأسئلة حقيقية تمركزت حول: طبيعة الأنظمة، جدل بناء الأدوات النضالية، وعقلنة المصطلحات والمفاهيم، والتصدي للتسوية التي سهلت استباحة المنطقة. وبهذه المفاهيم كانت تجربة الحلقات، والرابطة ومن ثم الحزب. حيث جاءت مراحل التصدي لنظام الأسد والمطاردة والتخفي، وهذه التجربة دفع الأهل والأصحاب ثمنا باهظا لها، حيث اعتقل أخي وطردت. انتقلت بعدها للساحة اللبنانية وذلك لقربها وتداخلها مع الساحة السورية هناك، وللالتحام مع جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية. وكانت تجربة مهمة وناصعة. ولكن طبيعة القوى، وحصار الدعم جعل كل الانتصارات تصب في طاحونة نظام الأسد الذي بدأ يرتب الساحة اللبنانية ويشجع إثارة منطق الطوائف، حيث نشطت حركة أمل واقتحمت بيروت، وجرى سحق المخيمات الفلسطينية وحصارها، حيث حوصرت ببرج البراجنة، وحوصرت زوجتي بمخيم شاتيلا. ومن ثم جرى نزول جيش نظام الأسد ليحتل بيروت، ومن ثم ليبدأ احتلال لبنان ثانية موزعاً أدواته بشراكة واضحة مع إيران، فقد طوبت المقاومة لحزب الله الإيراني. واضطررت بعدها للهجرة تاركا أهلاً ينكل بهم نظام الأسد، فقد اعتقل أخي ثلاثة عشر عاماً. وجاءت فترة أوروبا، حيث أقمت في ألمانيا ، واكتسبت معارف جديدة عملت بها بمجال التبادل الثقافي وسلطنا الضوء على الإجرام الذي ينهش وطننا. وهكذا تواصلنا مع الوطن ونسجنا علاقات جيدة كمعارضة بالخارج فتحت أعين الغرب على الإجرام والفساد وساهمنا في نشر ملف 35000 معتقل بسجون الطاغية.
كيف تتوقع أن تكون الأوضاع بعد مسرحية الانتخابات التي أخرجها الأسد؟
لا يمكن لنظام سقط منذ بدايات الثورة، أي سقط سقوطاً مريعاً أخلاقيا وسياسيا، أن يمرر لعبة انتخابات لتشريع نفسه، وهو نظام الفاشية الفظيعة. لكن التعثر والتخبط الذي حصل، جعل همروجة الانتخابات تأتي لتشكل بالحقيقة صفعة للمجتمع الدولي المهتم بمصالحه وأسواقه.
هناك من يقول إن تقاعس المجتمع الدولي تجاه سورية يعود إلى جعل سورية محرقة لحزب الله وغيره من الإرهابيين، مارأيك بهذا الموضوع؟
بعد سيطرة المجتمع الدولي والولايات المتحدة رأس حربته وقوته الجبارة، على الملف الكيميائي السوري، والملف النووي الإيراني. حيث أصبح منطق “إدارة الأزمة” أكثر وضوحاً ، حيث أن وضع سورية الضعيفة المنهكة مهم للغرب وإسرائيل.. لهذا فالولايات المتحدة تمتلك ملف إدارة أزمة وبعناوين كثيرة هي: صراع سني شيعي في المنطقة، صراع مكونات وإثنيات، صراع وظيفي إسرائيلي إيراني بالمنطقة، إغراق أطراف دولية –روسيا أولاً- في وحل المنطقة.. كل هذا يجب أن يدرك حيث لا يهم الغرب وأميركا سوى مصالحهم.
كيف تقيم إمكانية العودة للحل السياسي في سورية وإعادة إحياء مفاوضات جنيف؟
الحل السياسي مطلب أساس شريطة أن يضمن انتقالاً حقيقياً لدولة المواطنة والديمقراطية، ويضمن تداول السلطة، ومحاسبة الطغاة والمجرمين. لهذا يجب أن يحشد لهذا الحل كل الطاقات بحاضنة وطنية تعيد الثورة لمربعها الأساس كثورة لنيل الحرية والكرامة وبناء الدولة المدنية دولة المواطنة. بهذا علينا أن نناضل بكل الوسائل لفرض حل سياسي يضمن هذا التوجه مستفيدين من تجربة جنيف التي عرت الكثير، وكشفت زيف العالم وأكاذيبه، وأثبتت أن النظام غير قابل للحل السياسي ولا للإصلاح وهو نظام طاغية من عائلة توارثت الإجرام، وهو لا يزول إلا بالإسقاط هذا الإسقاط الذي يحتاج لإعادة التقييم للسلوك واللغة والممارسة، وذلك على أرضية أن كل السوريين متضررون من تدمير بلدهم على يد هذا الطاغية، وكل السوريين معنيون ببناء دولتهم وانتزاع حقوقهم.