عانى عضو الائتلاف الوطني السوري أنور بدر من بطش نظام الأسد الذي اعتقله عدة مرات كان آخرها عام 1994 عندما اتهم بتشكيل منظمة لمناهضة أهداف الثورة والعمل على قلب نظام الحكم في سورية. ومع انطلاق الثورة السورية في آذار 2011، ساهم في الكثير من النشاطات الإغاثية والسياسية، رغم أن فاعليته الأساسية كإعلامي كانت تنصب على تعزيز إعلام الثورة. وفي لقاء للمكتب الإعلامي معه، أكد أنور بدر أن دول أصدقاء سورية كانوا ييبعوننا أوهام التعاطف، لكنهم بكل أسف لم يجرؤوا على دعم الثورة بشكل حقيقي. وأشار إلى أن عودة الائتلاف إلى داخل سورية يبرز الحاجة لقرار دولي بمنطقة حظر جوي يمكن أن تحوي مقرات وأماكن تواجد وعمل الائتلاف والحكومة المؤقتة بالمعنى الأمني والعسكري. وكان لنا معه هذا اللقاء:
حبذا لو تعطي القراء فكرة عن حياتك وتاريخك قبل وخلال الثورة..
ولدت في 1952 أي أنني انتسب لما يعرف بجيل الهزيمة، حيث تفتح وعينا في نهايات المرحلة الإعدادية على هزيمة الـ1967 أو ما عرف بنكسة حزيران، والتي قادتنا لاحقا كجيل إلى العمل ضمن المنظمات الفلسطينية أولاً، وضمن التيارات والتجارب الحزبية للمعارضة السورية ثانيا، وقد دخلت المعتقل عام 1976 أول مرة، وتكررت التجربة حتى سجنت في المرة الثالثة نهاية عام 1986، وأحلنا إلى محكمة أمن الدولة التي حكمت علي عام 1994 بالسجن لمدة 12 عاما بتهمة تشكيل منظمة لمناهضة أهداف الثورة والعمل على قلب نظام الحكم في سورية. وخرجت من المعتقل في الشهرالأول من عام 1999. مع انطلاق الثورة السورية في آذار 2011، تنادينا للمشاركة بهذا الحلم الجميل، وكان لنا دور مهم في الكثير من النشاطات الإغاثية والسياسية، رغم أن فاعليتي الأساسية كإعلامي كانت تنصب على تعزيز إعلام الثورة، وكان لي شرف إدارة تحرير مجلة “نادي الإعلام” الشهرية الإلكترونية، ثم شاركت في مجلة “البديل” الإلكترونية، قبل أن نطلق مجلة “حرية” الأسبوعية التي كنت رئيسا لتحريرها، والتي توقفت في نيسان من هذا العام لأننا وبعد عامين لم نستطع وبكل أسف تأمين تمويل لها. سياسياً، أسسنا في سورية “تيار مواطنة” الذي كان له شرف المشاركة بتأسيس الائتلاف الوطني السوري. هذا وشاركت في مؤتمر القاهرة الذي أطلق عام 2012 أهم وثائق سياسية وبرنامجية للمعارضة السورية. ولم أخرج من سورية حتى أيار 2013.
ما رأيك بالموقف الدولي المتخاذل تجاه الثورة السورية؟ والموقف الموحد تجاه تنظيم “داعش”؟
منذ بدايات الثورة السورية، كان يوجد وهم لدى الكثيرين بإمكانية السقوط السريع للنظام قياسا على تجربتي الربيع العربي في تونس ومصر، وكنا نتلمس صعوبة ذلك من خلال مجموعة من التعقيدات التي تحكم خصوصية التجربة السورية، ومنها التناقضات الدولية والإقليمية والعربية التي نجحت السلطة باستغلالها إلى أقصى حد من أجل حرف الثورة عن مجراها. وعلينا أن نعترف بأن أصدقاء نظام الأسد، وبشكل خاص إيران وروسيا، كانوا منذ البداية يخوضون معاركهم ويدافعون عن مصالحهم وعن استراتيجياتهم في الساحة السورية، بينما كان المجتمع الدولي وتحديدا أصدقاء سورية ييبعوننا أوهام التعاطف، لكنهم بكل أسف لم يجرؤوا على دعم الثورة بشكل حقيقي، ولم يعملوا على إسقاط نظام الطغيان والفساد، رغم كل خروقاته وابتذاله للمجتمع الدولي وحقوق الإنسان. فقد كان لدعم أصدقاء سورية للثورة طابعاً إعلامياً أكثر منه دعما حقيقيا، حتى ما يقال عن اعتراف أكثر من 130 دولة بالائتلاف الوطني لم يكن أكثر من اعترافٍ سياسي وليس قانونياً، وبالتالي فهو فاقد الأهمية. ولنلاحظ أن استراتيجية الرئيس الأمريكي باراك أوباما القائمة أساسا على عدم التدخل، منحت الروس والإيرانيين وحتى نظام الأسد فرصة لممارسة أي شيء دون محاسبة، وكانت حجة أوباما أنه لايريد إدخال قواته في حرب جديدة في سورية، مع أننا كنا وما نزال نرفض أي تدخل لقوات خارجية في ثورتنا ضد نظام الأسد. وكنا نطالب المجتمع الدولي بمعاقبة هذا النظام على جرائمه المتنوعة بحق السوريين، إضافة لحماية المدنيين أولاً، وبتزويد الجيش الحر بالسلاح الكافي للقضاء على هذا المجرم. وبشكل خاص صواريخ أرض- جو الحرارية لتحييد طيران نظام الأسد المجرم الذي يقتل السوريين ويدمر بناهم التحتية ببراميله المتفجرة. وحجة الغرب عموما، وأوباما بشكل شخصي لرفض هذه المطالب، أنه كان يخشى وقوع هذه الأسلحة بأيدي عناصر متطرفة، مع أن كل من تابع مسيرة الثورة السورية يُدرك أنه في أول سنتين من عمر الثورة السورية لم يوجد لدينا أي قوى متطرفة، وأنه حتى نيسان 2013 لم يكن في سورية وجود لداعش، لكن المجتمع الدولي الذي تلكأ عن نصر الثورة السورية ودعم السوريين في ثورتهم، هو الذي ساهم بإعطاء نظام الأسد والقوى الموالية له في إيران والمنطقة، الفرصة لتوليد هذه المجموعات المتطرفة والإرهابية. الآن بعدما استفحل وجود هذه القوى المتطرفة وانتشر تهديدها الحقيقي خارج سورية والمنطقة عموما، ليصل داخل الدول الغربية ومصالحها، نرى هذا التسارع لمحاربة داعش ولوضع استراتيجيات جديدة لمحاربة الإرهاب بشكل عام، والتي كانت منذ البداية هي العنوان الرئيسي لمطالبتنا في الائتلاف الوطني، مع التأكيد أن القرار الدولي الذي جاء متأخرا بهذا الصدد ما يزال قاصرا طالما أنه لم يتحدث عن إرهاب نظام الأسد وعن إرهاب القوى الظلامية المتحالفة معه كالميليشيات الإيرانية وحزب الله والفصائل العراقية المتعددة. ونؤكد أن هذه القوى بالتعاون مع نظامي الأسد والمالكي هي التي أطلقت هذه الأشكال من التطرف الإرهابي، ولا تزال تدعمه بشكل مباشر عبر صفقات النفط السرية مع داعش، وبشكل غير مباشر عبر غض الطرف عن تحركاتها في الكثير من المناطق السورية المحررة.
كيف تقيم الوضع الحالي في لبنان؟ والدعوات الموجهة للاجئين السوريين بمغادرة لبنان؟ وما هو الحل برأيك؟
منذ بدء الأحداث في عرسال كانت بصمة ميليشيا حزب الله الإرهابي واضحة في كل ما جرى ويجري حتى الأن، كجزء من المؤامرة التي ينفذها نصر الله والإيرانيين لوأد الثورة السورية، وتمدد قوس “الممانعة” الإيراني في المنطقة على حساب ومصالح الشعبين السوري واللبناني أيضاً.
لماذا يتحرك اللاجئون السوريون في لبنان ضد البلد الذي يستضيفهم؟ وما مصلحتهم في إشعال الفتنة أو قتل جندي لبناني مثلا؟ المشكلة انطلقت أساسا من التدخل المباشر لحزب الله الإرهابي في سورية وقتله لأهاليها، بحجة الدفاع عن العتبات المقدسة تارة وبحجة الدفاع عن مصالح الممانعة الفارسية تارة أخرى، وهو من ساهم إلى جانب نظام الأسد بقتل السوريين وتدمير بلداتهم ومدنهم وتشريدهم في لبنان وغير لبنان. وبداية نحن ضد أي إساءة يمكن أن توجه إلى لبناني أو غير لبناني، لكن في حال حصول هذه الإساءة فهنا يبرز السؤال عن دور الميليشيات الطائفية التي تهدد بجر لبنان إلى الهاوية. ويمكن أن نتساءل ببساطة عن هذا الحقد الأعمى الذي يجري تفجيره في لبنان، عن اسغلال حادثة إجرامية مرفوضة من قبل شخص أو فصيل لاضطهاد مجموعة بشرية تعد أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان. ويجب رؤية قضية اللاجئين السوريين في لبنان كقضية إنسانية خارج إطار الخلافات اللبنانية – اللبنانية، ويجب عدم استعمالهم كورقة ضغط على هذا الفريق أو ذاك، وما يحصل في لبنان من اعتداءات على بعض السوريين وفي أكثر من منطقة لبنانية يعيد السؤال عن مسؤولية الدولة اللبنانية بخصوص حفظ أمن مواطنيها، وأمن اللاجئين السوريين على أراضيها وهي مسؤولية سيادية وجنائية في القوانين والأعراف الدولية.
إلى أي حد ترى أن تعديل النظام الداخلي للائتلاف سوف يطور عمله؟
منذ أكثر من عام كان يطرح علينا في الائتلاف الوطني مهمتين أساسيتين لتطوير العمل الوطني والمضي باتجاه تحقيق أهداف ثورة الحرية والكرامة بالقضاء على النظام وإقامة دولة المواطنة المدنية الديمقراطية. وهما إعادة تفعيل الائتلاف ومأسسته على أسس وطنية صحيحة تستجيب لمطالب السوريين، والمساهمة بتوحيد فصائل الجيش الحر والقوى العسكرية باتجاه بناء جيش وطني موحد يرفع راية الثورة السورية. نستطيع القول بكل أسف أننا كنا وما نزال مقصرين في تحقيق كلا المطلبين، وبالتالي نحن مانزال نعاني من عجزنا عن تطوير آليات عمل الائتلاف، كما أننا في الوقت ذاته ما نزال عاجزين أو مقصرين في توحيد بندقية الثورة السورية.
ما رأيك بما طرحه الائتلاف مؤخراً حول العودة إلى داخل سورية؟ وما هي متطلبات التطبيق؟
لاشك أن هذا الطرح يشكل استراتيجية مهمة نحو إعادة التحام الجسد السياسي للمعارضة السورية بالداخل، غير أن هذا لايمكن تحقيقه بغياب استراتيجية سياسية وعسكرية تمكّن من ذلك وتحمي هذه الخطوة، وهذا يعيدنا إلى الحديث عن توحيد بندقية الثورة السورية، بل وأكثر من ذلك نحن بحاجة لقرار دولي بمنطقة حظر جوي يمكن أن تحوي مقرات وأماكن تواجد وعمل الائتلاف والحكومة المؤقتة بالمعنى الأمني والعسكري. فليس من المنطقي محاسبة الحكومة المؤقته على تقصيرها بالانتقال إلى الداخل مثلا، قبل أن نؤمن لها متطلبات العمل بالداخل، وأولها شرط الحماية الأمنية.