نتشرف اليوم بالتلمذة داخل مدرسة الثورة السورية المجيدة، والتي دفعت مئات الألوف حتى اللحظة بغية تحقيق كلمتها والسعي لبناء دولة الحرية والقانون. هذا ما قاله موسى أفشار أحد قياديي الثورة الإيرانية ضد ما وصفه بالديكتاتورية الدينية _ ولاية الفقيه_ التي تحاول التسلل إلى المنطقة. وأضاف أثناء لقاء خاص أجراه معه مكتب الائتلاف الإعلامي “انطلاقا من مسؤوليتي الإنسانية والاشتراك مع الثورة السورية بالعدو المشترك والقضية الواحدة، أنصح السوريين من الحذر في اختيار القيادات الثورية، لأنّ السبب الرئيس الذي أخّر مخاض الثورة الإيرانية حتى الآن، هو اختطاف الثورة من قبل قيادات مترابطة تدعي الصلة بالثورة، لكنها في الحقيقة لا تمدّ للثورة بصلة لا من قريب ولا من بعيد. كما أذكّر المعارضة الثورية بأنّ من أهم الأولويات في هذه المرحلة، هو الخلوة السياسية ولو قلت، من أجل تحديد الثوابت وفرزها عن المتغيرات، وجعل الثوابت هي العروة الوثقى والبوصلة المقدّسة التي لا يمكن التنازل عنها، وأهم الثوابت التي أقرأها كسياسي في واقع الثورة السورية ولا يملك أحد إمكانية التنازل عنها، هي إسقاط الأسد ونظام الخامنئي وتنقية المنطقة من الفطريات التي عششت في زوايا تاريخها، فإنّ اسقاط الإرهاب والاستبداد لا يكون بجزء دون الآخر، فالقضاء على إرهاب الدولة الممارس ضد الشعوب داخل المنطقة لا يكون بالتقسيط بل بالجملة”. وكان لـمكتب الائتلاف الإعلامي مع موسى أفشار عضو منظمة مجاهدي خلق الإيرانية هذه الوقفة السياسية.
ما هي نقطة القوة التي يمتاز بها المؤتمر الذي عقدتموه كمعارضة إيرانية في جنيف بحضور الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان عن غيره من االنشاطات الأخرى؟
النقطة الأقوى التي تميز هذا المؤتمر عن غيره، هو أنه ضمّ كافة مظلومي المنطقة، واحتوى كافة القوى الوطنية المعارضة، والتي انتفضت من أجل تغيير الواقع الاستبدادي الذي يحاول ثلة من العصابات الحاكمة فرضه على الشعوب. كلّ أفراد عائلة المنطقة _ سورية وإيران ولبنان وفلسطين_ اجتمعت داخل الحرم الأممي لحقوق الإنسان لتطالبه وجميع دول العالم بضرورة محاسبة المجرمين على ما اقترفوه من جرائم لا تغتفر بحق شعوب المنطقة. إنّ اجتماع هؤلاء المظلومين داخل أحد مقرات الأمم والمنظمات الدولية، بعد أن قطعوا عهدا على أنفسهم بضرورة إسقاط الاستبداد، كان مشهدا في غاية التأثير بالنسبة لأصحاب الضمائر الحية.
هل تعتقد أنّه بعد 35 عاما من طرقكم لأبواب المجتمع الدولي، تسيرون بالاتجاه الصحيح نحو إسقاط الديكتاتورية، وهل كانت المواقف الدولية على قدر مطالب وتضحيات الشعب الإيراني؟
لا نستطيع إنكار أن المواقف الدولية كانت خجولة للغاية ولا تتساوى مع ما يقدمه الشعب الإيراني منذ 35 عاما من الثورة، ولكننا كشعب يعيش ضمن دائرة هذا المجتمع السياسي والإنساني، لا نمتلك سوى طرق أبواب القانون الدولي وأصحاب الضمائر الحية في هذا العالم الميكافيلي. نحن على ثقة تامة بأن الثورة الحقيقية لا تقطف ثمارها في يوم أو يومين، لأنّ تغيير الواقع الاستبدادي ومواجهة الدبابات والأسلحة بالهتافات واللافتات السلمية ليس بالأمر السهل ويحتاج إلى صبر كبير، ولكن يجب أن نثق بأنّ الديكتاتوريات لم ولن تكون قادرة على إخماد كلمة الشعوب.
برأيك.. ماهي قواسم الاشتراك بين المعارضة الإيرانية والسورية وهل من تقاطعات حقيقية بين الطرفين؟
السلاح السلمي الشعبي إضافة إلى العدو الواحد لجانب القضية الواحدة، يعتبران أهم القواسم المشتركة بين الثورتين. إنّ الحراك السياسي الذي شهدته سورية وإيران، كان حراكا وليدا عن الحراك الشعبي، وليس العكس. إنّ السلمية كانت عنوان الثورات الشعبية التي شهدتها المنطقة ضدّ الاستبداد الذي خطف شعوب المنطقة لعشرات السنوات، ولكن سرعان ما واجهت تلك الأنظمة الديكتاتورية الهشّة لافتات الشعوب والكتابة على الجدران بالرصاص الحي وصواريخ السكود والاعتقالات التعسفية، بغية تسليح الثورة والتشويش على أسماع المجتمع الدولي بصوت الإرهاب والرصاص أثناء سماعها لمتطلبات شعوب المنطقة.
من السرّ في وجود من؛ هل إسقاط الأسد يعني إسقاط لنظام الخامنئي أم أن العكس صحيح. وهل للعراق دور داخل اللعبة السياسية التي تشهدها المنطقة اليوم؟
لا شكّ أن أنظمة الثالوث الإيراني والأسدي والمالكي مرتبط كلّ منهما بالآخر، ولكن باختلاف في الأدوار، حيث أن الأصل هو نظام الخامنئي القائم على الديكتاتورية الدينية، وأما المالكي والأسد يعتبران أشبه بأوراق سياسية يتحكم بها الأول كيفما شاء ضمن سياسة الديكتاتورية الدينية التي ترتدي بردة العلمانية. هذا كما أنّ كلا نظامي الأسد والمالكي أشبه بالجناحين بالنسبة لنظام ولاية الفقيه، حيث أن الأخير لا يستطيع التحليق بدونهما، وهما في نفس الوقت لا وجود لهما من دون الخامنئي. فقوة الأنظمة في هذا الثالوث، غير مستمدة من قوة الشعب والداخل الذين يحكمونه، بل يعتمدون في وجودهم على التحالفات والهيمنة العسكرية التي يحاولون من خلالها فرض أجندتهم السياسية والثقافية.
هل سقوط المالكي يعني بداية النهاية للنظام الإيراني والأسدي في المنطقة، أم أنّ الخميني مازال يستطيع المناورة ضمن الحلبة السياسية الدولية؟
هذا الأمر يتوقف على من سيأتي بعد المالكي، فإن كان حقا نتاج للحراك الشعبي المبارك الذي شهده العراق، فمن المؤكد أنّ نظام الأسد و الخامنئي سيكون قاب قوسين أو أدنى من السقوط الحتم،. في حال كان هناك تغيير حقيقي في رئاسة الحكومة، ولم يقتصر التغيير على الوجوه وفقط. فالعراق يعتبر أحد أهم المواقع الاستراتيجية لنظام الخامنئي في المنطقة، وبنفس الوقت يعتبر هو الزاوية التي حمت ظهر الأسد في مواجهته للثورة الشعبية المطالبة بإسقاطه ومحاسبته على جرائمه. أما بالنسبة لمستقبل الأسد في المنطقة، فمن تنازل عن المالكي_ على امتعاض_ والذي يعتبر الورقة الوفاقية الأهم بين أمريكا ونظام إيران، فمن باب أولى أنه سيتخلى عن موطئ قدمه المتمثل بالأسد في القريب العاجل. باختصار إنّ محور المقاومة في المنطقة جسد واحد، وإنّ حدوث أيّ تغييرات في أحد الأطراف سيكون له تأثير مباشر على المناطق الأخرى ككل.
إلى أي مدى ربما يكون التدخل الإيراني الذي تشهده المنطقة، جاء سعيا لتصدير أزمة النظام الداخلية والتغطية على فشله في إدارة إيران كدولة تكنقراطية؟
اتفق معك إلى حدّ ما، ولكن لا بدّ من التأكيد على أنّ التدخل في الشؤون الإقليمية لدول الجوار، هو سياسة استراتيجية للنظام الإيراني القائم في حكمه على الديكتاتورية الدينية التي يحاول تسويقها إلى كافة دول الجوار وخاصة دول الخليج. وإن سعيه للتدخل في شؤون دول الجوار، ليس مسألة آنية تذهب بذهاب المشكلة الطارئة على المتغيرات السياسية، بل ركيزة أساسية يضمن خلالها نظام الخامنئي وجوده في المنطقة. فنظام ولاية الفقيه يقوم على ركيزتين أساسيتين في المنطقة، الأولى تكون من خلال القمع الشعبي للحراك الداخلي، أما الثانية والتي ينفذها النظام أثناء تعامله مع دول الجوار، يقوم من خلالها على خلق خلايا إرهابية متطرفة سعيا من لتصدير ثورته وحكمه الديكتاتوري إلى دول الجوار. وقد قالها الخميني صراحة عندما تولى الحكم:” ليس المهم أن أكون مرجعية للشعب الإيراني، ولكن الأهم هو أن أشكل مرجعية لشعوب المنطقة”. حتى أنّ فيلق القدس والذي يعتبر من أكبر المؤسسات العسكرية لإيران، مهمته تقتصر على القتال في دول الجوار، من أجل حماية مصالحه الإقليمية التي تعتبر الأساس في توطيد حكمه.
إذا طلبت منك أن تهمس بإذن الشعب السوري وقياديي ثورته ماذا تقول لهم؟
لا أبالغ إذا قلت أننا رغم التاريخ النضالي العريق لنا، إلّا أننا نتشرف اليوم بالتلمذة ضمن مدرسة الثورة السورية التي دفعت مئات الألوف حتى اللحظة بغية تحقيق كلمتها والسعي لبناء دولة الحرية والقانون. وانطلاقا من مسؤوليتي الإنسانية والاشتراك مع الثورة السورية بالعدو المشترك والقضية الواحدة، أنصح السوريين من الحذر في اختيار القيادات الثورية، لأنّ السبب الرئيس الذي أخّر مخاض الثورة الإيرانية، هو اختطاف الثورة من قبل قيادات تدعي الثورة لكنها في الحقيقة لا تمت لها بصلة لا من قريب ولا من بعيد. كما أذكر المعارضة الثورية بأنّ من أهم الأولويات في هذه المرحلة، هو الخلوة السياسية ولو قلت، من أجل تحديد الثوابت وفرزها عن المتغيرات، وجعل الثوابت هي العروة الوثقى والبوصلة المقدّسة التي لا يمكن التنازل عنها. ولا شكّ أن أحد أهم الثوابت التي أقرأها كسياسي في واقع الثورة السورية ولا يملك أحد إمكانية التنازل عنها، هي إسقاط الأسد ونظام الخامنئي الذي يمثل أحد الفطريات المعششة في الزوايا التاريخية للمنطقة، فإنّ إسقاط الإرهاب والاستبداد لا يكون بجزء دون الآخر في المنطقة، فالقضاء على إرهاب الدولة الممارس ضد الشعوب داخل المنطقة لا يكون بالتقسيط بل بالجملة. وكما أنّ هذه الأنظمة الأخطبوطية في المنطقة وتقويتها لبعضها البعض هو سرّ صمودها، علينا أن نتيقن نحن أيضا، بأن صمودنا متعلق بمدى تقوية بعضنا للأخر، سيما وأننا شعوب يجمع بينها ظلم الديكتاتوريات الاستبدادية في المنطقة.
مازال في جعبتي الكثير، ولا يملّ سياسيّ من التكلم مع شعوب أقسمت أن تنزع الحرية انتزاعاً من مغتصبيها، ويسعدني أن أضع تجارب الربيع الإيراني بين أكف ثوار سورية، لأننا على يقين بأن انتصارهم هو انتصار لنا، وأن انتصارنا هو انتصار لهم، هذا ما قاله موسى في نهاية اللقاء الذي ختمه بقوله:” إنما النصر صبر ساعة، حتى وإن طال المخاض، لكنّ مجرد وجود المخاض دليل على اقتراب الولادة، نحن شعوب الربيع لا ننتظر الانتصار، لأننا على يقين تام، بأنّ الانتصار وتفتح أزهار الربيع كان في اليوم الأول التي كسرت به شعوب إيران وسورية حاجز الخوف والصمت الشعبي”.